الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا - إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ - فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ وَكَانَ صَاحِبَ حَرْثٍ» .
٣٩٣ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ فَأَصَابُوا إبِلًا وَغَنَمًا وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنْ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ]
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ اقْتِنَاءِ الْكِلَابِ إلَّا لِهَذِهِ الْأَغْرَاضِ الْمَذْكُورَةِ - أَعْنِي: الصَّيْدَ، وَالْمَاشِيَةَ، وَالزَّرْعَ - وَذَلِكَ لِمَا فِي اقْتِنَائِهَا مِنْ مَفَاسِدِ التَّرْوِيعِ، وَالْعَقْرِ لِلْمَارَّةِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِمُجَانَبَةِ الْمَلَائِكَةِ لِمَحِلِّهَا، وَمُجَانَبَةُ الْمَلَائِكَةِ أَمْرٌ شَدِيدٌ، لِمَا فِي مُخَالَطَتِهِمْ مِنْ الْإِلْهَامِ إلَى الْخَيْرِ، وَالدُّعَاءِ إلَيْهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِنَاءِ لِهَذِهِ الْأَغْرَاضِ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: هَلْ يُقَاسُ عَلَيْهَا غَرَضُ حِرَاسَةِ الدُّرُوبِ أَمْ لَا؟ وَاسْتَدَلَّ الْمَالِكِيَّةُ بِجَوَازِ اتِّخَاذِهَا لِلصَّيْدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى طَهَارَتِهَا فَإِنَّ مُلَابَسَتَهَا - مَعَ الِاحْتِرَازِ عَنْ مَسِّ شَيْءٍ مِنْهَا - شَاقٌّ، وَالْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ إذْنٌ فِي مُكَمِّلَاتٍ مَقْصُودَةٍ، كَمَا أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ لَوَازِمِهِ مُنَاسِبٌ لِلْمَنْعِ مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ " وَكَانَ صَاحِبَ حَرْثٍ " مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ؛ أَرَادَ ذِكْرَ سَبَبِ الْعِنَايَةِ بِهَذَا الْحُكْمِ، حَتَّى عُرِفَ مِنْهُ مَا جَهِلَ غَيْرُهُ، وَالْمُحْتَاجُ إلَى الشَّيْءِ أَكْثَرُ اهْتِمَامًا بِمَعْرِفَةِ حُكْمِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute