للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا.»

٣٦٢ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» .

٣٦٣ - وَلِمُسْلِمٍ «فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُت» .

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثُ مِنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا]

فِي هَذَا الْحَدِيثِ: تَقْدِيمُ مَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فِي اللَّفْظِ عَلَى الْكَفَّارَةِ إنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " وَتَحَلَّلْتُهَا " التَّكْفِيرَ عَنْهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إتْيَانَ مَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ نَقِيضُ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ: هُوَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ مُوَافَقَةِ مُقْتَضَاهَا، فَيَكُونُ التَّحَلُّلُ الْإِتْيَانَ بِخِلَافِ مُقْتَضَاهَا، فَإِنْ قُلْتَ: فَيَكْفِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ " أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ " فَإِنَّهُ بِإِتْيَانِهِ إيَّاهُ تَحْصُلُ مُخَالَفَةُ الْيَمِينِ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهَا فَلَا يُفِيدُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَئِذٍ " وَتَحَلَّلْتُ " فَائِدَةً زَائِدَةً عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ " أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ " - قُلْتُ: فِيهِ فَائِدَةُ التَّصْرِيحِ وَالتَّنْصِيصِ عَلَى كَوْنِ مَا فَعَلَهُ مُحَلِّلًا. وَالْإِتْيَانُ بِهِ بِلَفْظِهِ يُنَاسِبُ الْجَوَازَ وَالْحِلَّ صَرِيحًا، فَإِذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كَانَ أَبْلَغَ مِمَّا إذَا أَتَى بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِلْزَامِ.

وَقَدْ أَكَّدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَقْتَضِي الْمُبَالَغَةَ فِي تَرْجِيحِ الْحِنْثِ عَلَى الْوَفَاءِ عِنْدَ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهَذَا " الْخَيْرُ " الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ يَرْجِعُ إلَى مَصَالِحِ الْحِنْثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَفْعُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ مَثَلًا. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ سَبَبٌ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَهُوَ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَهُمْ، ثُمَّ حَمَلَهُمْ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>