للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

مُعَيَّنٍ، بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهَا، مِنْ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَالْمَوْعِظَةِ. وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ هَذِهِ الْأُمُورِ دَاخِلًا فِي مَقَاصِدِهَا، مِثْلُ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَكَوْنِهِمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ. بَلْ هُوَ كَذَلِكَ جَزْمًا.

[وَقْت صَلَاةِ الْكُسُوفِ] ١

السَّادِسُ: قَوْلُهُ «فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا» اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ. قِيلَ: هُوَ مَا بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ، أَوْ أَصْحَابِهِ. وَقِيلَ: إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. وَهُوَ فِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا. وَقِيلَ: جَمِيعُ النَّهَارِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَيَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ. فَإِنَّهُ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ إذَا رَأَى ذَلِكَ. وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ وَقْتٍ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَخَاوِفِ، لِاسْتِدْفَاعِ الْبَلَاءِ الْمَحْذُورِ. .

[الْمُنَزِّهُونَ لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ سِمَاتِ الْحَدِّ] ١

السَّابِعُ: قَوْلُهُ «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ» الْمُنَزِّهُونَ لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ سِمَاتِ الْحَدِّ وَمُشَابَهَةِ الْمَخْلُوقِينَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ: إمَّا سَاكِتٌ عَنْ التَّأْوِيلِ، وَإِمَّا مُؤَوِّلٌ، عَلَى أَنْ يُرَادَ شِدَّةُ الْمَنْعِ وَالْحِمَايَةِ مِنْ الشَّيْءِ. لِأَنَّ الْغَائِرَ عَلَى الشَّيْءِ مَانِعٌ لَهُ، وَحَامٍ مِنْهُ. فَالْمَنْعُ وَالْحِمَايَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْغَيْرَةِ. فَأَطْلَقَ لَفْظَ " الْغَيْرَةِ " عَلَيْهِمَا مِنْ مَجَازِ الْمُلَازَمَةِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ السَّائِغَةِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، وَالْأَمْرُ فِي التَّأْوِيلِ وَعَدَمِهِ فِي هَذَا: قَرِيبٌ عِنْدَ مَنْ يُسَلِّمُ التَّنْزِيهَ. فَإِنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَعْنِي الْجَوَازَ وَعَدَمَهُ. وَيُؤْخَذُ كَمَا تُؤْخَذُ سَائِرُ الْأَحْكَامِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي: أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ - أَعْنِي الْمَنْعَ مِنْ التَّأْوِيلِ - ثُبُوتًا قَطْعِيًّا. فَخَصْمُهُ يُقَابِلُهُ حِينَئِذٍ بِالْمَنْعِ الصَّرِيحِ. وَقَدْ يَتَعَدَّى بَعْضُ خُصُومِهِ إلَى التَّكْذِيبِ الْقَبِيحِ.

[التَّخْوِيف فِي الْمَوْعِظَةِ]

الثَّامِنُ: قَوْلُهُ «وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ» إلَى آخِرِهِ " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْجِيحِ مُقْتَضَى الْخَوْفِ، وَتَرْجِيحِ التَّخْوِيفِ فِي الْمَوْعِظَةِ عَلَى الْإِشَاعَةِ بِالرُّخَصِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَبُّبِ إلَى تَسَامُحِ النُّفُوسِ لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْإِخْلَادِ إلَى الشَّهَوَاتِ. وَذَلِكَ مَرَضٌ خَطَرٌ. وَالطَّبِيبُ الْحَاذِقُ: يُقَابِلُ الْعِلَّةَ بِضِدِّهَا، لَا بِمَا يَزِيدُهَا.

١ -

التَّاسِعُ: قَوْلُهُ فِي لَفْظٍ «فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ» أَطْلَقَ " الرَّكَعَاتِ " عَلَى عَدَدِ الرُّكُوعِ. وَجَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ " فِي رَكْعَتَيْنِ " وَهَذَا الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ: أَنَّهُ مُتَمَسَّكُ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى الصَّلَاةِ " رَكْعَتَيْنِ " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>