. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
أَوْ أَكْثَرِيًّا. وَلَا يُنَاقِضُهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ قَلِيلًا. فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِهِ قَلِيلًا. أَعْنِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ» وَيَكُونُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَحْمُولًا عَلَى أَنْ تُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ غَالِبًا أَوْ دَائِمًا. .
[تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ] ١
الثَّالِثُ: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى: تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» ، أَوْ عَلَى النَّاسِ. .. إلَخْ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَأْخِيرُهَا لَوْلَا الْمَشَقَّةُ.
١ -
الرَّابِعُ: قَدْ حَكَيْنَا أَنَّ " الْعَتَمَةَ " اسْمٌ لِثُلُثِ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ " أَعْتَمَ " عَلَى أَوَّلِ أَجْزَاءِ هَذَا الْوَقْتِ، فَإِنَّ أَوَّلَ أَجْزَائِهِ: بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى آخِرِهِ، أَوْ مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ. فَيَكُونُ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ، وَسَبَبًا لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ ".
[انْتِفَاء الْأَمْرِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ]
الْخَامِسُ: قَدْ كُنَّا قَدَّمْنَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَنَّهُ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ. فَلَكَ أَنْ تَنْظُرَ: هَلْ يَتَسَاوَى هَذَا اللَّفْظُ مَعَ ذَلِكَ فِي الدَّلَالَةِ، أَمْ لَا؟ فَأَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا يَتَسَاوَى مُطْلَقًا. فَإِنَّ وَجْهَ الدَّلِيلِ ثَمَّ: أَنَّ كَلِمَةَ " لَوْلَا " تَدُلُّ عَلَى انْتِمَاءِ الشَّيْءِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ. فَيَقْتَضِي ذَلِكَ انْتِفَاءَ الْأَمْرِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ. وَالْأَمْرُ الْمُنْتَفَى لَيْسَ أَمْرَ الِاسْتِحْبَابِ، لِثُبُوتِ الِاسْتِحْبَابِ فَيَكُونُ الْمُنْتَفِي، هُوَ أَمْرُ الْوُجُوبِ. فَثَبَتَ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لِلْوُجُوبِ. فَإِذَا اسْتَعْمَلْنَا هَذَا الدَّلِيلَ فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَقُلْنَا: إنَّ الْأَمْرَ الْمُنْتَفَى لَيْسَ أَمْرَ الِاسْتِحْبَابِ - لِثُبُوتِ الِاسْتِحْبَابِ - تَوَجَّهَ الْمَنْعُ هَاهُنَا، عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ بِالدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُضَمَّ إلَى الِاسْتِدْلَالِ: الدَّلَائِلُ الْخَارِجَةُ، الدَّالَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute