٢٧٣ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ فَأَعْيَا، فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ. فَلَحِقَنِي
ــ
[إحكام الأحكام]
يَعْتِقْ. لَكِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ ذُكِرَتْ فِي الْحَدِيثِ لِبَيَانِ نَفْيِهِ عَمَّنْ لَمْ يَعْتِقْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُقْتَضَاهَا الْحَصْرُ
[ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ عَنْ نَفْسِهِ]
الْوَجْهُ الثَّامِنُ: لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ عَنْ نَفْسِهِ، بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَعْتَقَ عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ. وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسَّائِبَةِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: بُطْلَانُ هَذَا الشَّرْطِ، وَثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ، وَالْحَدِيثُ يُتَمَسَّكُ بِهِ فِي ذَلِكَ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ: قَالُوا: يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْوَلَاءِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْعِتْقِ، كَالْكِتَابَةِ وَالتَّعْلِيقِ بِالصِّفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: يَقْتَضِي حَصْرَ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ، وَيَسْتَلْزِمُ حَصْرَ السَّبَبِيَّةِ فِي الْعِتْقِ. فَيَقْتَضِي ذَلِكَ: أَنْ لَا وَلَاءَ بِالْحِلْفِ، وَلَا بِالْمُوَالَاةِ، وَلَا بِإِسْلَامِ الرَّجُلِ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ، وَلَا بِالْتِقَاطِهِ لِلَّقِيطِ، وَكُلُّ هَذِهِ الصُّوَرِ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنْ لَا وَلَاءَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِلْحَدِيثِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْكِتَابَةِ، وَجَوَازِ كِتَابَةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ.
[تَنْجِيمِ الْكِتَابَةِ] ١
الثَّانِيَ عَشَرَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَنْجِيمِ الْكِتَابَةِ، لِقَوْلِهَا «كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ» وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْكِتَابَةِ الْحَالَّةِ، فَيُتَكَلَّمُ عَلَيْهِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِكِتَابِ اللَّهِ: حُكْمَ اللَّهِ، أَوْ يُرَادُ بِذَلِكَ: نَفْيُ كَوْنِهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ كُلَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ: إمَّا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، كَالْمَنْصُوصَاتِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَإِمَّا بِوَاسِطَةِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] وَ {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ " أَيْ بِالِاتِّبَاعِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُخَالِفَةِ لِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَ " شَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ " أَيْ بِاتِّبَاعِ حُدُودِهِ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ السَّجْعِ الْغَيْرِ الْمُتَكَلِّفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute