٧٤ - وَلِمُسْلِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِ وَبِأُمِّهِ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَأَقَامَ الْمَرْأَةَ خَلْفَنَا» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ]
قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ: الْيَتِيمُ هُوَ: ضُمَيْرَةُ جَدُّ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ.
مُلَيْكَةُ " بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ. وَبَعْضُ الرُّوَاةِ: رَوَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. قِيلَ هِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ. وَقِيلَ: أُمُّ حَرَامٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَصِحُّ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ: رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. فَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي " جَدَّتِهِ " عَائِدٌ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَّهَا أُمُّ أَبِيهِ. قَالَهُ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ. فَعَلَى هَذَا: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ إِسْحَاقَ. فَإِنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ ذِكْرَهُ تَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ جَدَّةَ أَنَسٍ. وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُمَرَ: إنَّهَا جَدَّةُ أَنَسٍ، أُمُّ أُمِّهِ. فَعَلَى هَذَا: لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ إِسْحَاقَ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: فَالْأَحْسَنُ إثْبَاتُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ التَّوَاضُعِ، وَإِجَابَةِ دَعْوَةِ الدَّاعِي. وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إجَابَةِ أُولِي الْفَضْلِ لِمَنْ دَعَاهُمْ لِغَيْرِ الْوَلِيمَةِ. وَفِيهِ أَيْضًا: جَوَازُ الصَّلَاةِ لِلتَّعْلِيمِ، أَوْ لِحُصُولِ الْبَرَكَةِ بِالِاجْتِمَاعِ فِيهَا، أَوْ بِإِقَامَتِهَا فِي الْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ. وَهُوَ الَّذِي قَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ " لَكُمْ ". وَقَوْلُهُ " إلَى حَصِيرٍ قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ " أُخِذَ مِنْهُ: أَنَّ الِافْتِرَاشَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ لِبَاسٌ، وَرُتِّبَ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، فَافْتَرَشَهُ: أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ افْتِرَاشَ الْحَرِيرِ لِبَاسٌ لَهُ، فَيَحْرُمُ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ - أَعْنِي افْتِرَاشَ الْحَرِيرِ - قَدْ وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ يَخُصُّهُ.
وَقَوْلُهُ " فَنَضَحْتُهُ " النَّضْحُ: يُطْلَقُ عَلَى الْغُسْلِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا دُونَهُ. وَهُوَ الْأَشْهَرُ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْغُسْلَ. فَيَكُونَ ذَلِكَ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ، إمَّا لِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَهِيَ تَلْيِينُهُ وَتَهْيِئَتُهُ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ، وَإِمَّا لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ، وَهِيَ طَلَبُ طَهَارَتِهِ، وَزَوَالُ مَا يَعْرِضُ مِنْ الشَّكِّ فِي نَجَاسَتِهِ، لِطُولِ لُبْسِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَا دُونَ الْغُسْلِ. وَهُوَ النَّضْحُ الَّذِي تَسْتَحِبُّهُ الْمَالِكِيَّةُ لِمَا يُشَكُّ فِي نَجَاسَتِهِ. وَقَدْ قَرَّبَ ذَلِكَ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute