١٧٤ - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الصَّدَقَةِ. فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ، إلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا: فَأَغْنَاهُ اللَّهُ؟ وَأَمَّا خَالِدٌ: فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا. وَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَأَمَّا الْعَبَّاسُ: فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا. ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟» .
ــ
[إحكام الأحكام]
الرَّابِعَةُ: تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا الرِّكَازُ. وَجُعِلَ الْحُكْمُ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِهَا. وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ: بِأَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمْسَ، إمَّا مُطْلَقًا أَوْ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ. فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْحَدِيثِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْأَرْضَ إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِمَالِكٍ مُحْتَرَمٍ، مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، فَلَيْسَ بِرِكَازٍ، فَإِنْ ادَّعَاهُ فَهُوَ لَهُ. وَإِنْ نَازَعَهُ مُنَازِعٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ عُرِضَ عَلَى الْبَائِعِ، ثُمَّ عَلَى بَائِعِ الْبَائِعِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إلَى مَنْ عَمَرَ الْمَوْضِعَ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُجْعَلُ لُقَطَةً وَقِيلَ: لَيْسَ بِلُقَطَةٍ، وَلَكِنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ، يُسَلَّمُ إلَى الْإِمَامِ، وَيَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَإِنْ وُجِدَ الرِّكَازُ فِي أَرْضٍ عَامِرَةٍ لِحَرْبِيٍّ فَهُوَ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّ إذَا حُصِّلَتْ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ. وَإِذَا وُجِدَ فِي مَوَاتِ دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ كَمَوْتِ دَارِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ. لِلْوَاجِدِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ.
[حَدِيثُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَلَى الصَّدَقَةِ]
الْحَدِيثُ مُشْكِلٌ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ «بَعَثَ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ» الْأَظْهَرُ: أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنْ تَكُونَ التَّطَوُّعَ، احْتِمَالًا أَوْ قَوْلًا. " وَإِنَّمَا كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا الْوَاجِبَةُ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ. فَتُصْرَفُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ إلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْبَعْثَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute