للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَالثَّانِي: يُقَالُ: نَقَمَ يَنْقِمُ - بِالْفَتْحِ فِي الْمَاضِي وَالْكَسْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَبِالْعَكْسِ بِالْكَسْرِ فِي الْمَاضِي وَالْفَتْحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ - وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي: أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّرْكِ. فَإِنَّ " نَقَمَ " بِمَعْنَى أَنْكَرَ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مُوجِبٌ لِلْمَنْعِ، إلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا، فَأَغْنَاهُ اللَّهُ. فَلَا مُوجِبَ لِلْمَنْعِ. وَهَذَا مِمَّا تَقْصِدُ الْعَرَبُ فِي مِثْلِهِ النَّفْيَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ بِالْإِثْبَاتِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَيْبٌ إلَّا هَذَا - وَهَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَا عَيْبَ فِيهِمْ، فَكَذَلِكَ هُنَا إذَا لَمْ يُنْكِرْ إلَّا كَوْنَ اللَّهِ أَغْنَاهُ بَعْدَ فَقْرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا أَصْلًا.

الثَّالِثُ: " الْعَتَادُ " مَا أَعَدَّ الرَّجُلُ مِنْ السِّلَاحِ وَالدَّوَابِّ وَآلَاتِ الْحَرْبِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ " أَعْتَادَهُ " وَفِي أُخْرَى " أَعْتُدَهُ " وَاخْتُلِفَ فِيهَا. فَقِيلَ " أَعْتُدَهُ " بِالتَّاءِ: وَقِيلَ " أَعْبُدَهُ " بِالْبَاءِ ثَانِي الْحُرُوفِ. وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفُوا فَالظَّاهِرُ: أَنَّ " أَعْبُدَهُ " جَمْعُ عَبْدٍ. وَهُوَ الْحَيَوَانُ الْعَاقِلُ الْمَمْلُوكُ. وَقِيلَ: إنَّهُ جَمْعُ صِفَةٍ مِنْ قَوْلِهِمْ " فَرَسٌ عَبْدٌ " وَهُوَ الصُّلْبُ. وَقِيلَ: الْمُعَدُّ لِلرُّكُوبِ. وَقِيلَ: السَّرِيعُ الْوَثْبِ. وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ هَذَا بِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِتَحْبِيسِ الْعَبِيدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بِخِلَافِ الْخَيْلِ.

الرَّابِعُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْبِيسِ الْمَنْقُولَاتِ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ.

الْخَامِسُ: نَشَأَ إشْكَالٌ مِنْ كَوْنِهِ لَمْ يُؤْمَرْ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ، وَانْتِزَاعِهَا عِنْدَ مَنْعِهِ. فَقِيلَ: فِي جَوَابِهِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَجَازَ لِخَالِدٍ أَنْ يُحْتَسَبَ مَا حَبَسَهُ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ. لِأَنَّهُ فِي. سَبِيلِ اللَّهِ. حَكَاهُ الْقَاضِي قَالَ: وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِصِنْفٍ وَاحِدٍ. وَهُوَ قَوْلُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي وُجُوبِ قِسْمَتِهَا عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ. وَقَدْ أَدْخَلَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي " بَابِ أَخْذِ الْعَرَضِ فِي الزَّكَاةِ " فَيَدُلُّ: أَنَّهُ ذَهَبَ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ. وَأَقُولُ: هَذَا لَا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ. لِأَنَّ مَا حُبِسَ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَيْهَا، وَاسْتَحَقَّهُ أَهْلُ تِلْكَ الْجِهَةِ مُضَافًا إلَى جِهَةِ الْحَبْسِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَبَ مِنْ خَالِدٍ زَكَاةَ مَا حَبَسَهُ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ تَعَيُّنِ مَا حَبَسَهُ لِمَصْرِفِهِ؟ وَإِنْ كَانَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>