للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

طَلَبَ مِنْهُ زَكَاةَ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَحْبِسْهُ - مِنْ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَكَيْفَ يُحَاسَبُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَعَيَّنَ صَرْفُ ذَلِكَ الْمُحْبَسِ إلَى جِهَتِهِ؟ . وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ صَرْفَ الزَّكَاةِ إلَى صِنْفٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ جَائِزٌ، وَأَنَّ أَخْذَ الْقِيَمِ جَائِزٌ: فَضَعِيفٌ جِدًّا. لِأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ لَكَانَ الْإِجْزَاءُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَأْخُوذًا عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ التَّأْوِيلِ. وَمَا ثَبَتَ عَلَى تَقْدِيرٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَاقِعًا إلَّا إذَا ثَبَتَ وُقُوعُ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ. وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِوَجْهٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ إلَّا مُجَرَّدَ الْجَوَازِ. وَالْجَوَازُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ. إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْقَاضِي: أَنَّهُ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى التَّقْدِيرِ. فَقَرِيبٌ، إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ التَّنْبِيهُ، لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْحُكْمَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَأَنَا أَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَحْبِيسُ خَالِدٍ لِأَدْرَاعِهِ وَأَعْتَادِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: إرْصَادَهُ إيَّاهُ لِذَلِكَ، وَعَدَمَ تَصَرُّفِهِ بِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا النَّوْعُ حَبْسٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحْبِيسًا. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ مِثْلُ ذَلِكَ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَيَكُونُ قَوْلُهُ " إنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا " مَصْرُوفًا إلَى قَوْلِهِمْ " مَنَعَ خَالِدٌ " أَيْ تَظْلِمُونَهُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى مَنْعِ الْوَاجِبِ، مَعَ كَوْنِهِ صَرَفَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَ الْوَاجِبِ، وَيُحْمَلُ مَنْعُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

السَّادِسُ: أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا: وُجُوبَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ. وَأَنَّ خَالِدًا طُولِبَ بِأَثْمَانِ الْأَرْبَعِ وَالْأَعْتُدِ. قَالُوا: وَلَا زَكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ. وَقَدْ اُسْتُضْعِفَ هَذَا الِاسْتِدْلَال، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، غَيْرِ مُتَعَيَّنٍ لِمَا ادَّعَى.

السَّابِعُ: مَنْ قَالَ بِأَنَّ هَذِهِ صَدَقَةٌ كَانَتْ تَطَوُّعًا. ارْتَفَعَ عَنْهُ هَذَا الْإِشْكَالُ. وَيَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اكْتَفَى بِمَا حَبَسَهُ خَالِدٌ عَلَى هَذِهِ الْجِهَاتِ عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. وَيَكُونُ مَنْ طَلَبَ مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ - مَعَ مَا حَبَسَهُ مِنْ مَالِهِ وَأَعْتُدِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - ظَالِمًا لَهُ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ، وَعَلَى سَبِيلِ التَّوَسُّعِ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الظُّلْمِ.

الثَّامِنُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا» فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّفْظُ صِيغَةَ إنْشَاءٍ لِالْتِزَامِ مَا لَزِمَ الْعَبَّاسَ. وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ " إنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ " فَإِنَّ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ إشْعَارًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّ كَوْنَهُ صِنْوَ الْأَبِ: يُنَاسِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>