للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣١ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ. فَنَظَرَ إلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ. فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي» .

ــ

[إحكام الأحكام]

الطَّرِيقِ عَلَى تَهْذِيبِ النَّفْسِ وَرِيَاضَتِهَا. وَذَلِكَ مَعَ الْفَقْرِ أَكْثَرُ مِنْهُ مَعَ الْغِنَى، فَكَانَ أَفْضَلَ بِمَعْنَى الْأَشْرَفِ وَقَوْلُهُ " ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ " الدُّثُرُ: هُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ. وَقَوْلُهُ " تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ " يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ السَّبْقُ الْمَعْنَوِيُّ. وَهُوَ السَّبْقُ فِي الْفَضِيلَةِ. وَقَوْلُهُ " مَنْ بَعْدَكُمْ " أَيْ مَنْ بَعْدَكُمْ فِي الْفَضِيلَةِ مِمَّنْ لَا يَعْمَلُ هَذَا الْعَمَلَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ الْقَبْلِيَّةُ الزَّمَانِيَّةُ، وَالْبَعْدِيَّةُ الزَّمَانِيَّةُ. وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى السِّيَاقِ. فَإِنَّ سُؤَالَهُمْ كَانَ عَنْ أَمْرِ الْفَضِيلَةِ، وَتَقَدُّمِ الْأَغْنِيَاءِ فِيهَا. وَقَوْلُهُ " لَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ " يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَالِ، وَعَلَى أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لِلْأَغْنِيَاءِ مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ لَا يَفْعَلُوا هَذَا الْفِعْلَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ الْفُقَرَاءُ. وَفِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ تَعْلِيمُ كَيْفِيَّةِ هَذَا الذِّكْرِ. وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فُرَادَى - أَيْ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى حِدَةٍ - وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ، وَحَصَلَ بِهِ الْمَقْصُودُ. وَلَكِنْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَكُونُ مَجْمُوعًا، وَيَكُونُ الْعَدَدُ لِلْجُمْلَةِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ يَحْصُلُ فِي كُلِّ فَرْدٍ هَذَا الْعَدَدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ]

" الْخَمِيصَةُ " كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ أَعْلَامٌ وَ " الْأَنْبِجَانِيَّة " كِسَاءٌ غَلِيظٌ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ لِبَاسِ الثَّوْبِ ذِي الْعَلَمِ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اشْتِغَالَ الْفِكْرِ يَسِيرًا غَيْرُ قَادِحٍ فِي الصَّلَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>