. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَطَرِيقُهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ لَمْ تَحْصُلْ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ، لِمَا تَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ جَزَاءً لِلْإِعْتَاقِ، لَكِنْ تَعَيَّنَتْ فَالسِّرَايَةُ حَاصِلَةٌ بِالْإِعْتَاقِ. بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّهُ إذَا تَأَخَّرَتْ السِّرَايَةُ عَنْ الْإِعْتَاقِ، وَتَوَقَّفَتْ عَلَى التَّقْوِيمِ فَإِذَا أَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ نَصِيبَهُ: نَفَذَ، وَإِذَا نَفَذَ فَلَا تَقْوِيمَ فَلَوْ تَأَخَّرَتْ السِّرَايَةُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ التَّقْوِيمُ، لَكِنَّهَا مُتَعَيَّنَةٌ لِلْحَدِيثِ.
[التَّجَزِّيَ فِي الْإِعْتَاقِ] ١
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ، بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ تَجَزِّي الْعِتْقِ فَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى التَّجَزِّيَ فِي الْإِعْتَاقِ، وَصَاحِبَاهُ لَا يَرَيَانِهِ، وَانْبَنَى عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ لِلسَّاكِتِ أَنْ يُعْتِقَ إبْقَاءً لِلْمِلْكِ، وَيَضْمَنُ شَرِيكَهُ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ بِالْإِفْسَادِ، وَاسْتَسْعَى الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَهَذَا فِي حَالِ يَسَارِ الْمُعْتِقِ، فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ إعْسَارِهِ: سَقَطَ التَّضْمِينُ، وَبَقِيَ الْأَمْرَانِ الْآخَرَانِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: لَمَّا لَمْ يَتَجَزَّأْ الْإِعْتَاقُ: عَتَقَ كُلُّهُ، وَلَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ، وَلَهُمَا أَنْ يَسْتَدِلَّا بِالْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَعَيُّنِ الْقِيمَةِ فِيهِ، وَمَعَ تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ لَا تَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ.
السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: الْحَدِيثُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِيمَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ لِلنَّصِيبِ: إمَّا صَرِيحًا، كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، فَيَدْفَعُ لِشُرَكَائِهِ حِصَصَهُمْ "، وَإِمَّا دَلَالَةً سِيَاقِيَّةً لَا يُشَكُّ فِيهَا، كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَهَذَا يَرُدُّ مَذْهَبَ مَنْ يَرَى أَنَّ بَاقِيَ الْعَبْدِ يُعْتَقُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، مُقْتَضَاهُ: التَّقْوِيمُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُ مَنْ أَعْتَقَ وَيَبْقَى مَنْ لَمْ يُعْتِقْ عَلَى نَصِيبِهِ، يَفْعَلُ فِيهِ مَا شَاءَ، وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَسْوَدِ غُلَامٌ، شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ، وَأَبْلَى فِيهَا فَأَرَادُوا عِتْقَهُ وَكُنْتُ صَغِيرًا فَذَكَرَ ذَلِكَ الْأَسْوَدُ لِعُمَرَ فَقَالَ: أَعْتِقُوا أَنْتُمْ وَيَكُونُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى نَصِيبِهِ حَتَّى يَرْغَبَ فِي مِثْلِ مَا رَغِبْتُمْ فِيهِ، أَوْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ "، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ " كَانَ لِي، وَلِإِخْوَتِي غُلَامٌ أَبْلَى يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَأَرَدْتُ عِتْقَهُ لِمَا صَنَعَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ: لَا تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ نَصِيبَهُمْ حَتَّى يَبْلُغُوا. فَإِنْ رَغِبُوا فِيمَا رَغِبْتُ فِيهِ، وَإِلَّا لَمْ تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ نَصِيبَهُمْ " فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ رَأَى التَّضْمِينَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إفْسَادًا لِنَصِيبِهِمْ، وَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ، غَيْرَ أَنَّ فِي إثْبَاتِ قَوْلٍ بِعَدَمِ التَّضْمِينِ عِنْدَ الْيَسَارِ بِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute