للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخِيَارِ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، أَعْنِي الْإِمْسَاكَ وَالرَّدَّ مَعَ الصَّاعِ. وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْحَلْبِ، لِتَوَقُّفِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى الْحَلْبِ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ عِوَضٌ عَنْ اللَّبَنِ. وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ: الْحَلْبُ.

[مَسْأَلَةٌ لَمْ يَقُلْ أَبُو حَنِيفَةَ بِحَدِيثِ المصراة]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَمْ يَقُلْ أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ أَيْضًا بِعَدَمِ الْقَوْلِ بِهِ. وَاَلَّذِي أَوْجَبَ ذَلِكَ: أَنَّهُ قِيلَ حَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ. وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ - وَهُوَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ - فَمِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ الْأُصُولِ: أَنَّ ضَمَانَ الْمِثْلِيَّاتِ بِالْمِثْلِ. وَضَمَانَ الْمُتَقَوِّمَاتِ بِالْقِيمَةِ مِنْ النَّقْدَيْنِ. وَهَهُنَا إنْ كَانَ اللَّبَنُ مِثْلِيًّا كَانَ يَنْبَغِي ضَمَانُهُ بِمِثْلِهِ لَبَنًا. وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا ضُمِنَ بِمِثْلِهِ مِنْ النَّقْدَيْنِ. وَقَدْ وَقَعَ هَهُنَا مَضْمُونًا بِالتَّمْرِ. فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلَيْنِ جَمِيعًا.

الثَّانِي: أَنَّ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ مُقَدَّرَ الضَّمَانِ بِقَدْرِ التَّالِفِ. وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ، فَقَدْرُ الضَّمَانِ مُخْتَلِفٌ لَكِنَّهُ قُدِّرَ هَهُنَا بِمِقْدَارٍ وَاحِدٍ. وَهُوَ الصَّاعُ مُطْلَقًا. فَخَرَجَ مِنْ الْقِيَاسِ الْكُلِّيِّ فِي اخْتِلَافِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا.

الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّبَنَ التَّالِفَ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ ذَهَبَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ، كَمَا لَوْ ذَهَبَتْ بَعْضُ أَعْضَاءِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ. فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ. وَإِنْ كَانَ هَذَا اللَّبَنُ حَادِثًا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَقَدْ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي. فَلَا يَضْمَنُهُ. وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا فَمَا كَانَ مِنْهُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ مِنْ الرَّدِّ. وَمَا كَانَ حَادِثًا لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ.

الرَّابِعُ: إثْبَاتُ الْخِيَارِ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ: مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ. فَإِنَّ الْخِيَارَاتِ الثَّابِتَةَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ: لَا تَتَقَدَّرُ بِالثَّلَاثَةِ، كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ مَنْ يُثْبِتُهُ، وَخِيَارِ الْمَجْلِسِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ.

الْخَامِسُ: يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِظَاهِرِهِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِلْبَائِعِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ مَعَ الصَّاعِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ ثَمَنِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>