. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
الْإِعْلَامِ وَالْإِظْهَارِ. وَمِنْهُ: أَشْرَاطُ السَّاعَةِ، وَالشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ وَالشَّرْعِيُّ. وَمِنْهُ قَوْلُ أُوَيْسِ بْنِ حَجَرٍ - بِفَتْحِ الْحَاء وَالْجِيم - فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ أَيْ أَعْلَمَهَا وَأَظْهَرَهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُحْمَلُ " اشْتَرِطِي " عَلَى مَعْنَى: أَظْهِرِي حُكْمَ الْوَلَاءِ وَبَيِّنِيهِ وَأَعْلِمِي: أَنَّهُ لِمَنْ أَعْتَقَ، عَلَى عَكْسِ مَا أَوْرَدَهُ السَّائِلُ وَفَهِمَهُ مِنْ الْحَدِيثِ. وَرَابِعُهَا: مَا قِيلَ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَدْ كَانَ أَخْبَرَهُمْ «أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» ثُمَّ أَقْدَمُوا عَلَى اشْتِرَاطِ مَا يُخَالِفُ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي عَلِمُوهُ، فَوَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى سَبِيلِ الزَّجْرِ وَالتَّوْبِيخِ وَالتَّنْكِيلِ، لِمُخَالَفَتِهِمْ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ.
وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ: إخْرَاجُ لَفْظَةِ الْأَمْرِ عَنْ ظَاهِرِهَا، وَقَدْ وَرَدَتْ خَارِجَةً عَنْ ظَاهِرِهَا فِي مَوَاضِعَ يَمْتَنِعُ إجْرَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالتَّقْدِيرِ الَّذِي ذُكِرَ: لَا يَبْقَى غُرُورٌ. وَخَامِسُهَا: أَنْ يَكُونَ إبْطَالُ هَذَا الشَّرْطِ عُقُوبَةً، لِمُخَالَفَتِهِمْ حُكْمَ الشَّرْعِ، فَإِنَّ إبْطَالَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي تَغْرِيمَ مَا قُوبِلَ بِهِ الشَّرْطُ مِنْ الْمَالِيَّةِ، الْمُسَامَحِ بِهَا لِأَجْلِ الشَّرْطِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ، كَحِرْمَانِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ. وَسَادِسُهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ، لَا عَامًّا فِي سَائِرِ الصُّوَرِ، وَيَكُونُ سَبَبُ التَّخْصِيصِ بِإِبْطَالِ هَذَا الشَّرْطِ: الْمُبَالَغَةَ فِي زَجْرِهِمْ عَنْ هَذَا الِاشْتِرَاطِ الْمُخَالِفِ لِلشَّرْعِ، كَمَا أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَة كَانَ خَاصًّا بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ، مُبَالَغَةً فِي إزَالَةِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهَذَا الْوَجْهُ ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَجَعَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ: الْأَصَحَّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ " إنَّمَا " لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْحَصْرِ لَمَا لَزِمَ مِنْ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ نَفْيُهُ عَمَّنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute