للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

إضْمَارٍ لِتَصْحِيحِ اللَّفْظِ. وَهُوَ الْمُسَمَّى بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ. وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ اللَّفْظَ يَكُونُ عَامًّا أَوْ مُجْمَلًا، أَوْ ظَاهِرًا فِي بَعْضِ الْمَحَامِلِ. أَمَّا إذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَمْ نَحْتَجْ إلَى إضْمَارٍ. فَكَانَ أَوْلَى.

وَمِنْ هَذَا الْبَحْثِ يُطَّلَعُ عَلَى كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» فَإِنَّك إذَا حَمَلْتَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، لَمْ تَحْتَجْ إلَى إضْمَارٍ. فَإِنَّهُ يَكُونُ نَفْيًا لِلنِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ. وَإِنْ حَمَلْتَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْحِسِّيَّةِ - وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ حِسًّا - احْتَجْتَ إلَى إضْمَارٍ. فَحِينَئِذٍ يُضْمِرُ بَعْضُهُمْ " الصِّحَّةَ " وَبَعْضُهُمْ " الْكَمَالَ " وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ» . وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ بْنِ سِنَانٍ. و " خُدْرَةُ " مِنْ الْأَنْصَارِ. فَالْكَلَامُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ. فَإِنَّهُ مَدَّ الْكَرَاهَةَ إلَى ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الِارْتِفَاعِ عَنْ الْأُفُقِ، بَلْ الِارْتِفَاعُ الَّذِي تَزُولُ عِنْدَهُ صُفْرَةُ الشَّمْسِ، أَوْ حُمْرَتُهَا. وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ. وَقَوْلُهُ " لَا صَلَاةَ " فِي الْحَدِيثَيْنِ، عَامٌّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ. وَخَصَّهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ بِالنَّوَافِلِ، وَلَمْ يَقُولَا بِهِ فِي الْفَرَائِضِ الْفَوَائِتِ. وَأَبَاحَاهَا فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ.

وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِالِامْتِنَاعِ. وَهُوَ أَدْخَلُ فِي الْعُمُومِ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُعَارَضُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَكَوْنُهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَقْتًا لَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ " لَا وَقْتَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ " إلَّا أَنَّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ. فَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ: خَاصٌّ فِي الْوَقْتِ، عَامٌّ فِي الصَّلَاةِ. وَحَدِيثُ النَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ: خَاصٌّ فِي الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ، عَامٌّ فِي الْوَقْتِ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ، وَخَاصٌّ مِنْ وَجْهٍ. فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمُعَاذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، وَكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>