٣٢٠ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: «عَنْ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا - فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ حَامِلٌ. فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا: تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاك مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تُرَجِّينَ لِلنِّكَاحِ، وَاَللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْك أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ: جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إنْ بَدَا لِي» .
ــ
[إحكام الأحكام]
مِنْ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أُبِيحَتْ فِيهَا الْغِيبَةُ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ. وَ " الْعَاتِقُ " مَا بَيْنَ الْعُنُقِ وَالْمَنْكِبِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ مَجَازِ الْمُبَالَغَةِ، وَجَوَازِ إطْلَاقِ مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، فَإِنَّ أَبَا جَهْمٍ: لَا بُدَّ وَأَنْ يَضَعَ عَصَاهُ حَالَةَ نَوْمِهِ وَأَكْلِهِ، وَكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوْبٌ يَلْبَسُهُ مَثَلًا، لَكِنْ اعْتَبَرَ حَالَ الْغَلَبَةِ، وَأَهْدَرَ حَالَ النَّادِرِ وَالْيَسِيرِ. وَهَذَا الْمَجَازُ فِيمَا قِيلَ فِي أَبِي جَهْمٍ: أَظْهَرُ مِنْهُ فِيمَا قِيلَ فِي مُعَاوِيَةَ؛ لِأَنَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ: إنَّ لَفْظَةَ " الْمَالِ " انْتَقَلَتْ فِي الْعُرْفِ عَنْ مَوْضُوعِهَا الْأَصْلِيِّ إلَى مَا لَهُ قَدْرٌ مِنْ الْمَمْلُوكَاتِ، أَوْ ذَلِكَ مَجَازٌ شَائِعٌ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ النَّقْلِ، فَلَا يَتَنَاوَلُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ جِدًّا، بِخِلَافِ مَا قِيلَ فِي أَبِي جَهْمٍ. وَقَوْلُهُ " انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ " فِيهِ جَوَازُ نِكَاحِ الْقُرَشِيَّةِ لِلْمَوْلَى. وَكَرَاهَتُهَا لَهُ: إمَّا لِكَوْنِهِ مَوْلًى، أَوْ لِسَوَادِهِ، وَ " اغْتَبَطَتْ " مَفْتُوحُ التَّاءِ وَالْبَاءِ وَأَبُو جَهْمٍ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ: مَفْتُوحُ الْجِيمِ سَاكِنُ الْهَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ أَبِي الْجُهَيْمِ الَّذِي فِي حَدِيثِ التَّيَمُّمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute