للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ، وَأُرِيدَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الْمُحْتَمَلِ: مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَاوِيَ هَذَا الْحَدِيثِ - هُوَ الَّذِي رَوَى " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ ".

وَقَوْلُهُ " وَسَاقَ الْهَدْيَ " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ سَوْقِ الْهَدْيِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ. وَقَوْلُهُ " فَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ بِالْحَجِّ " نَصٌّ فِي الْإِهْلَالِ بِهِمَا.

وَلَمَّا ذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَارَنَ - بِمَعْنَى أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا - احْتَاجَ إلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ " أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ بِالْحَجِّ " فَإِنَّهُ عَلَى خِلَافِ اخْتِيَارِهِ. فَيَجْعَلُ الْإِهْلَالَ فِي قَوْلِهِ: أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ بِالْحَجِّ " عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَيَكُونُ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا لَفْظَ الْإِحْرَام بِالْعُمْرَةِ عَلَى لَفْظِهِ بِالْحَجِّ. وَلَا يُرَادُ بِهِ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا رَوَاهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا نَحْتَاجُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ إلَى ارْتِكَابِ كَوْنِ " الْقِرَانِ " بِمَعْنَى: تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ. فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا. فَالتَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ: غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ.

وَقَوْلُهُ " فَتَمَتَّعَ النَّاسُ إلَى آخِرِهِ " حَمْلٌ عَلَى التَّمَتُّعِ اللُّغَوِيِّ. فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُتَمَتِّعِينَ بِمَعْنَى التَّمَتُّعِ الْمَشْهُورِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُحْرِمُوا بِالْعُمْرَةِ ابْتِدَاءً. وَإِنَّمَا تَمَتَّعُوا بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ. فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ " التَّمَتُّعُ " فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، أَوْ يَكُونُونَ تَمَتَّعُوا بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ابْتِدَاءً. نَظَرًا إلَى الْمَآلِ. ثُمَّ إنَّهُمْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانُوا مُتَمَتِّعِينَ. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَدْ أَهْدَى - إلَى آخِرِهِ " مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] .

وَقَوْلُهُ " فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " دَلِيلٌ عَلَى طَلَبِ هَذَا الطَّوَافِ فِي الِابْتِدَاءِ.

١ -

وَقَوْلُهُ " فَلْيُقَصِّرْ " أَيْ مِنْ شَعْرِهِ. وَهُوَ التَّقْصِيرُ فِي الْعُمْرَةِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا. قِيلَ: وَإِنَّمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْحَلْقِ حَتَّى يَبْقَى عَلَى الرَّأْسِ مَا يَحْلِقُهُ فِي الْحَجِّ فَإِنَّ الْحِلَاقَ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ الْحِلَاقِ فِي الْعُمْرَةِ. كَمَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ. وَاسْتَدَلَّ بِالْأَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>