٢٧٢ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ: فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ. فَأَعِينِينِي. فَقُلْتُ: إنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، وَوَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ: لَهُمْ. فَأَبَوْا عَلَيْهَا. فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ. فَقَالَتْ إنِّي عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِي، فَأَبَوْا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْوَلَاءُ. فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ. فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ. فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ كُلُّ شَرْطٍ
ــ
[إحكام الأحكام]
السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ. فَلَا مَحَالَةَ يَنْقَطِعُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ إذَا حُمِلَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى " الرُّطَبِ ". وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» أَيْ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَكِيلًا. وَقَوْلُهُ «وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ» أَيْ إذَا كَانَ مَوْزُونًا. وَالْوَاوُ هَهُنَا بِمَعْنَى " أَوْ " فَإِنَّا لَوْ أَخَذْنَاهَا عَلَى ظَاهِرِهَا - مِنْ مَعْنَى الْجَمْعِ - لَزِمَ أَنْ يَجْمَعَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بَيْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَيْلًا وَوَزْنًا. وَذَلِكَ يُفْضِي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ. وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ السَّلَمِ؛ فَتَعَيَّنَ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَعَ التَّفْصِيلِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى: السَّلَمُ بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ، وَبِالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ " فَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ مَنَعَ السَّلَمَ الْحَالَّ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا يُوَجِّهُ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ " فَلْيُسْلِفْ " إلَى الْأَجَلِ وَالْعِلْمِ مَعًا. وَاَلَّذِينَ أَجَازُوا الْحَالَّ وَجَّهُوا الْأَمْرَ إلَى الْعِلْمِ فَقَطْ. وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: إنْ أَسْلَمَ إلَى أَجَلٍ فَلْيُسْلِمْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لَا إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute