٣٠٣ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»
ــ
[إحكام الأحكام]
الْعِبَادَاتِ هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ» يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا: أَنْ تَكُونَ " أَفْعَلُ " فِيهِ مِمَّا اُسْتُعْمِلَ لِغَيْرِ الْمُبَالَغَةِ وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ عَلَى بَابِهَا، فَإِنَّ التَّقْوَى سَبَبٌ لِغَضِّ الْبَصَرِ، وَتَحْصِينِ الْفَرْجِ وَفِي مُعَارَضَتِهَا: الشَّهْوَةُ، وَالدَّاعِي إلَى النِّكَاحِ وَبَعْدَ النِّكَاحِ: يَضْعُفُ هَذَا الْمُعَارِضُ فَيَكُونُ أَغَضَّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنَ لِلْفَرْجِ مِمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ وُقُوعَ الْفِعْلِ - مَعَ ضَعْفِ الدَّاعِي إلَى وُقُوعِهِ - أَنْدَرُ مِنْ وُقُوعِهِ مَعَ وُجُودِ الدَّاعِي. وَالْحَوَالَةُ عَلَى الصَّوْمِ لِمَا فِيهِ كَسْرُ الشَّهْوَةِ فَإِنَّ شَهْوَةَ النِّكَاحِ تَابِعَةٌ لِشَهْوَةِ الْأَكْلِ، تَقْوَى بِقُوَّتِهَا، وَتَضْعُفُ بِضَعْفِهَا.
وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ " فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ " بِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لِلْغَائِبِ، وَقَدْ مَنَعَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَ " الْوِجَاءُ " الْخِصَاءُ وَجُعِلَ وِجَاءً: نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى فَإِنَّ الْوِجَاءَ قَاطِعٌ لِلْفِعْلِ وَعَدَمُ الشَّهْوَةِ قَاطِعٌ لَهُ أَيْضًا، وَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُشَابَهَةِ.
وَإِخْرَاجُ الْحَدِيثِ لِمُخَاطَبَةِ الشَّبَابِ: بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ قُوَّةِ الدَّاعِي إلَى النِّكَاحِ فِيهِ مَوْجُودَةٌ، بِخِلَافِ الشُّيُوخِ، وَالْمَعْنَى مُعْتَبَرٌ إذَا وُجِدَ فِي الْكُهُولِ وَالشُّيُوخِ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute