٦١ - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ.»
ــ
[إحكام الأحكام]
وَقِيلَ: إنَّ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَّا بِإِذْنِهِ. وَهَذَا إنْ أُخِذَ مِنْ تَخْصِيصِ النَّهْيِ بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ جَوَازَ الْمَنْعِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، فَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ: بِأَنَّ هَذَا تَخْصِيصُ الْحُكْمِ بِاللَّقَبِ. وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا: إنَّ مَنْعَ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ مَشْهُورٌ مُعْتَادٌ. وَقَدْ قُرِّرُوا عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا عَلَّقَ الْحُكْمَ بِالْمَسَاجِدِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْجَوَازِ، وَإِخْرَاجِهِ عَنْ الْمَنْعِ الْمُسْتَمِرِّ الْمَعْلُومِ. فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْمَنْعِ. وَعَلَى هَذَا: فَلَا يَكُونُ مَنْعُ الرَّجُلِ لِخُرُوجِ امْرَأَتِهِ لِغَيْرِ الْمَسْجِدِ مَأْخُوذًا مِنْ تَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِالْمَسْجِدِ فَقَطْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» مُنَاسَبَةً تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ. أَعْنِي كَوْنَهُنَّ " إمَاءَ اللَّهِ " بِالنِّسْبَةِ إلَى خُرُوجِهِنَّ إلَى مَسَاجِدِ اللَّهِ. وَلِهَذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِإِمَاءِ اللَّهِ أَوْقَعَ فِي النَّفْسِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالنِّسَاءِ لَوْ قِيلَ. وَإِذَا كَانَ مُنَاسِبًا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلْجَوَازِ، وَإِذَا انْتَفَى انْتَفَى الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَزُولُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ. وَالْمُرَادُ بِالِانْتِفَاءِ هَا هَاهُنَا: انْتِفَاءُ الْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ، أَيْ لِلصَّلَاةِ. وَأُخِذَ مِنْ إنْكَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى وَلَدِهِ وَسَبِّهِ إيَّاهُ: تَأْدِيبُ الْمُعْتَرِضِ عَلَى السُّنَنِ بِرَأْيِهِ. الْعَامِلِ بِهَوَاهُ، وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فِي تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَتَأْدِيبُ الْعَالِمِ مَنْ يَتَعَلَّمُ عِنْدَهُ إذَا تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَنْبَغِي.
وَقَوْلُهُ " فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ " هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَفِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ ابْنٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: وَاقِدٌ " وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَبْنَاءٌ. مِنْهُمْ بِلَالٌ. وَمِنْهُمْ وَاقِدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute