. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
تَكُونَ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ - فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا - بِمِقْدَارِ مَا إذَا فَعَلَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ كَانَ قَصِيرًا. وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ - مِنْ اسْتِوَاءِ الصَّلَاةِ - ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ الْفِعْلُ الْمُتَأَخِّرُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّطْوِيلِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ «وَكَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدُ تَخْفِيفًا» .
وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ " مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ - إلَى آخِرِهِ " وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى تَصْحِيحِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، دُونَ الرِّوَايَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْقِيَامُ. وَنَسَبَ رِوَايَةَ ذِكْرِ الْقِيَامِ إلَى الْوَهْمِ. وَهَذَا بَعِيدٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ تَوْهِيمَ الرَّاوِي الثِّقَةَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ - لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ قَوِيٌّ - لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ، عَلَى كَوْنِهَا وَهْمًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، حَتَّى يُحْمَلَ الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ فِيمَا عَدَا الْقِيَام. فَإِنَّهُ قَدْ صُرِّحَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ بِذِكْرِ الْقِيَامِ.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ كَانَ مُخْتَلِفًا. فَتَارَةً يَسْتَوِي الْجَمِيعُ. وَتَارَةً يَسْتَوِي مَا عَدَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ وَلَيْسَ فِي هَذَا إلَّا أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا الْخُرُوجُ عَمَّا تَقْضِيهِ لَفْظَةُ " كَانَ " - إنْ كَانَتْ وَرَدَتْ - مِنْ الْمُدَاوَمَةِ، أَوْ الْأَكْثَرِيَّةِ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: الْحَدِيثُ وَاحِدٌ، اخْتَلَفَتْ رُوَاتُهُ عَنْ وَاحِدٍ. فَيَقْتَضِي ذَلِكَ التَّعَارُضَ. وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي دَعَا مَنْ ذَكَرْنَا عَنْهُ أَنَّهُ نَسَبَ تِلْكَ الرِّوَايَةَ إلَى الْوَهْمِ مِمَّنْ قَالَهُ.
وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي: أَعْنِي اتِّحَادَ الرِّوَايَةِ - أَقْوَى مِنْ الْأُولَى فِي وُقُوعِ التَّعَارُضِ. وَإِنْ اُحْتُمِلَ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْفِقْهِيَّةِ.
وَلَا يُقَالُ: إذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ فَاَلَّذِي أَثْبَتَ التَّطْوِيلَ فِي الْقِيَامِ لَا يُعَارِضُهُ مَنْ نَفَاهُ. فَإِنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي.
لِأَنَّا نَقُولُ، الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى تَقْتَضِي بِنَصِّهَا عَدَمَ التَّطْوِيلِ فِي الْقِيَامِ، وَخُرُوجُ تِلْكَ الْحَالَةِ - أَعْنِي حَالَةَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ - عَنْ بَقِيَّةِ حَالَاتِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. فَيَكُونُ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ مَحْصُورَيْنِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ. وَالنَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ إذَا انْحَصَرَا فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ تَعَارَضَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute