للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

إلَيْهَا عَلَى الْخَصْمِ. وَهَذَا " الضَّلَالُ " الْمُشَارُ إلَيْهِ ضَلَالُ الْإِشْرَاكِ وَالْكُفْرِ. وَالْهِدَايَةُ بِالْإِيمَانِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ نِعْمَةَ الْإِيمَانِ أَعْظَمُ النِّعَمِ، بِحَيْثُ لَا يُوَازِيهَا شَيْءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا. ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِنِعْمَةِ الْأُلْفَةِ، وَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ الْأَمْوَالِ. إذْ تُبْذَلُ الْأَمْوَالُ فِي تَحْصِيلِهَا وَقَدْ كَانَتْ الْأَنْصَارُ فِي غَايَةِ التَّبَاعُدِ وَالتَّنَافُرِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ قَبْلَ الْمَبْعَثِ. مِنْهَا: يَوْمُ بُعَاثٍ

ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِنِعْمَةِ الْغِنَى وَالْمَالِ. وَفِي جَوَابِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِمَا أَجَابُوهُ: اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ، وَالِاعْتِرَافُ بِالْحَقِّ الَّذِي كَنَى عَنْهُ بِقَوْلِ الرَّاوِي " كَذَا وَكَذَا " وَقَدْ تَبَيَّنَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى. فَتَأَدُّبُ الرَّاوِي بِالْكِنَايَةِ، فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ: جَبْرٌ لِلْأَنْصَارِ، وَتَوَاضُعٌ وَحُسْنُ مُخَاطَبَةٍ وَمُعَاشَرَةٍ. وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَلَا تَرْضَوْنَ - إلَى آخِرِهَا» إثَارَةٌ لِأَنْفُسِهِمْ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا وَقَعَتْ الْغَفْلَةُ عَنْهُ مِنْ عِظَمِ مَا أَصَابَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَصَابَ غَيْرَهُمْ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا. وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " لَوْلَا الْهِجْرَةُ " وَمَا بَعْدَهُ: إشَارَةٌ عَظِيمَةٌ بِفَضِيلَةِ الْأَنْصَارِ. وَقَوْلُهُ " لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ " أَيْ فِي الْأَحْكَامِ وَالْعِدَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: النَّسَبُ قَطْعًا. وَقَوْلُهُ «الْأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ» الشِّعَارُ " الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ، وَ " الدِّثَارُ " الثَّوْبُ الَّذِي فَوْقَهُ، وَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظَيْنِ مَجَازٌ عَنْ قُرْبِهِمْ وَاخْتِصَاصِهِمْ، وَتَمْيِيزِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً» عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَعَ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالْمُرَادُ بِالْأَثَرَةِ: اسْتِئْثَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ بِالدُّنْيَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>