للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٧ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ، وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ، قَالَ: أَرَى مُدًّا مِنْ هَذِهِ يَعْدِلُ مُدَّيْنِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا: فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»

ــ

[إحكام الأحكام]

وَ " الصَّاعُ " أَرْبَعُ أَمْدَادٍ. وَالْمُدُّ: رَطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَجَعَلَ الصَّاعَ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ. وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ. بِنَقْلِ الْخَلَفِ عَنْ السَّلَفِ بِالْمَدِينَةِ. وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ قَوِيٌّ فِي مِثْلِ هَذَا. وَلَمَّا نَاظَرَ أَبَا يُوسُفَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ فِي الْمَسْأَلَةِ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى قَوْلِهِ، لَمَّا اسْتَدَلَّ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَوْلُهُ " صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ " بَيَانٌ لِجِنْسِ الْمُخْرَجِ فِي هَذِهِ الزَّكَاةِ. وَقَدْ وَرَدَ تَعْيِينُ أَجْنَاسٍ لَهَا فِي أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةٍ أَزْيَدَ مِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَمِنْ النَّاسِ: مَنْ أَجَازَ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُخْرِجُ إلَّا غَالِبَ قُوتِ الْبَلَدِ. وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِأَنَّهَا كُلُّهَا كَانَتْ مُقْتَاتَةً بِالْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُ بِأَرْضِ مِصْرَ إلَّا إخْرَاجُ الْبُرِّ. لِأَنَّهُ غَالِبُ الْقُوتِ. وَقَوْلُهُ " فَعَدَلَ النَّاسُ - إلَى آخِرِهِ " هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْبُرِّ. فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِنْهُ نِصْفَ صَاعٍ. وَقِيلَ: إنَّ الَّذِي عَدَلَ ذَلِكَ: مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا يُمْكِنُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْمَذْهَبِ: أَنْ يَسْتَدِلَّ بِقَوْلِهِ " فَعَدَلَ النَّاسُ " وَيَجْعَلَ ذَلِكَ إجْمَاعًا عَلَى هَذَا الْحُكْمِ، وَيُقَدِّمَهُ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ. لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ " أَمَّا أَنَا: فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ " وَلَا يَخْلُو هَذَا مِنْ نَظَرٍ. وَالسُّنَّةُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ: أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ، لِيَحْصُلَ غِنَى الْفَقِيرِ. وَيَنْقَطِعُ تَشَوُّفُهُ عَنْ الطَّلَبِ فِي حَالَةِ الْعِبَادَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>