١٩٢ - الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ. أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» .
وَفِي رِوَايَةٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ. أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهَا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ:
ــ
[إحكام الأحكام]
فِي ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَأَنْتَ إذَا فَحَصْتَ عَنْ نَظَائِرِهِ، وَجَدْتَ الْأَشْبَهَ: اعْتِبَارَ الْإِرْثِ.
وَقَوْلُهُ " صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " قِيلَ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ إنْ أَرَادَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ مِنْ مُصَنِّفِي الشَّافِعِيَّةِ. وَحَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ. وَفِي هَذَا بَحْثٌ. وَهُوَ أَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ خَبَرٍ، أَعْنِي " صَامَ " وَيَمْتَنِعُ الْحَمْلُ عَلَى ظَاهِرِهِ. فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَمْرِ. وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ الْمُعَيَّنَةِ. وَفِي " افْعَلْ " مَثَلًا، أَوْ يَعُمُّهَا مَعَ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا.
وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَا يَصُومُ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ، إمَّا لِأَجْلِ التَّخْصِيصِ، مَعَ مُنَاسَبَةِ الْوِلَايَةِ لِذَلِكَ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ جَوَازِ النِّيَابَةِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ. فَلَا تَدْخُلُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ. وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ جَوَازِ النِّيَابَةِ: وَجَبَ أَنْ يُقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ. وَيَجْرِي فِي الْبَاقِي عَلَى الْقِيَاسِ.
١ -
وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَوْ أَمَرَ الْوَلِيُّ أَجْنَبِيًّا أَنْ يَصُومَ عَنْهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ جَازَ، كَمَا فِي الْحَجِّ. فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ، فَفِي إجْزَائِهِ وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْمَنْعُ. وَأَمَّا إلْحَاقُ غَيْرِ الصَّوْمِ بِالصَّوْمِ: فَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْقِيَاسِ. وَلَيْسَ أَخْذُ الْحُكْمِ عَنْهُ مِنْ نَصِّ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute