٢١٩ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ «أَبِي شُرَيْحٍ - خُوَيْلِدِ بْنِ عَمْرٍو - الْخُزَاعِيِّ
ــ
[إحكام الأحكام]
وَ " الْجَهْدُ " بِفَتْحِ الْجِيمِ: هُوَ الْمَشَقَّةُ. وَأَمَّا الْجُهْدُ - بِضَمِّ الْجِيمِ - فَهُوَ الطَّاقَةُ. وَلَا مَعْنَى لَهَا هَهُنَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ الصِّيغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
الْخَامِسُ: قَوْلُهُ " أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ " تَبْيِينٌ لِعَدَدِ الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تُصْرَفُ إلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ. وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ عَدَدِهِمْ. وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ: إنَّهُ يُطْعِمُ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ، لِمُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ، وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
السَّادِسُ: قَوْلُهُ " لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ " بَيَانٌ لِمِقْدَارِ الْإِطْعَامِ. وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ نِصْفَ الصَّاعِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ: إنَّمَا هُوَ فِي الْحِنْطَةِ. فَأَمَّا التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ وَغَيْرُهُمَا: فَيَجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ: أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ حِنْطَةٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهَا. وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ تَعْيِينُ نِصْفِ الصَّاعِ مِنْ تَمْرٍ.
السَّابِعُ: " الْفَرَقُ " بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ. وَهُوَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ. مُفَسَّرٌ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ أَعْنِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ. وَهِيَ تَقْسِيمُ الْفَرَقِ عَلَى ثَلَاثَةِ آصُعٍ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: هُوَ تَعْيِينُ نِصْفِ الصَّاعِ مِنْ تَمْرٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ.
الثَّامِنُ: قَوْلُهُ " أَوْ تُهْدِيَ شَاةً " هُوَ النُّسُكُ الْمُجْمَلُ فِي الْآيَةِ. قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: هِيَ الشَّاةُ الَّتِي تُجْزِي فِي الْأُضْحِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ " أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " تَعْيِينُ الصَّوْمِ الْمُجْمَلِ فِي الْآيَةِ. وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ: إنَّ الصَّوْمَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ، لِمُخَالَفَةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَفْظُ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ مَعًا يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ - أَعْنِي الصِّيَامَ وَالصَّدَقَةَ وَالنُّسُكَ -؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " أَوْ " تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ.
وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ " أَتَجِدُ شَاةً؟ فَقُلْتُ: لَا " فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ: أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِي إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ، قِيلَ: بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ النُّسُكِ؟ فَإِنْ وَجَدَهُ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ يُخَيِّرُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ. وَإِنْ عَدِمَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ.
بَابُ حُرْمَةِ مَكَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute