للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

أَنَّ الْإِحْلَالَ مِنْهُمَا يَكُونُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. فَإِذَا حَلَقَ قَبْلَ الطَّوَافِ: فَالْعُمْرَةُ قَائِمَةٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ. فَيَقَعُ الْحَلْقُ فِيهِمَا قَبْلَ الطَّوَافِ، وَفِي هَذَا الِاسْتِشْهَادِ نَظَرٌ. وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِنُصُوصِ الْأَحَادِيثِ وَالْإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ. وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ بِنُصُوصِ الْأَحَادِيثِ: مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَارِنًا فِي آخِرِ الْأَمْرِ " وَأَنَّهُ حَلَقَ قَبْلَ الطَّوَافِ. وَهَذَا إنَّمَا ثَبَتَ بِأَمْرٍ اسْتِدْلَالِيٍّ، لَا نَصِّيٍّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، أَوْ كَثِيرٍ، أَعْنِي: كَوْنَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَارِنًا. وَابْنُ الْجَهْمِ بَنَى عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُفْرِدًا وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَبَعِيدُ الثُّبُوتِ، إنْ أَرَادَ بِهِ الْإِجْمَاعَ النَّقْلِيَّ الْقَوْلِيَّ. وَإِنْ أَرَادَ السُّكُوتِيَّ: فَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ أَيْضًا.

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْوَظَائِفَ أَرْبَعٌ فِي هَذَا الْيَوْمِ، فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. فَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ جَوَازَ التَّقْدِيمِ: وَجَعَلَ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبًّا، وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعَانِ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ حَلْقًا قَبْلَ وُجُودِ التَّحَلُّلَيْنِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مِثْلُهُ. وَقَدْ بُنِيَ الْقَوْلَانِ لَهُ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ، أَوْ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ. فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ نُسُكٌ، جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ. وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ: لَمْ يَجُزْ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُقُوعِ الْحَلْقِ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ. وَفِي هَذَا الْبِنَاءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ نُسُكًا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ. وَمَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ. وَيَرَى - مَعَ ذَلِكَ - أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الرَّمْيِ. إذْ مَعْنَى كَوْنِ الشَّيْءِ نُسُكًا: أَنَّهُ مَطْلُوبٌ، مُثَابٌ عَلَيْهِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلتَّحَلُّلِ وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ إنْ قُدِّمَ بَعْضُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إنْ كَانَ جَاهِلًا. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا: فَفِي وُجُوبِ الدَّمِ رِوَايَتَانِ. وَهَذَا الْقَوْلُ فِي سُقُوطِ الدَّمِ عَنْ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، دُونَ الْعَامِدِ: قَوِيٌّ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ أَفْعَالِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَجِّ، بِقَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُرَخَّصَةُ فِي التَّقْدِيمِ لَمَّا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ: إنَّمَا قُرِنَتْ بِقَوْلِ السَّائِلِ " لَمْ أَشْعُرْ " فَيُخَصَّصُ الْحُكْمُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ. وَتَبْقَى حَالَةُ الْعَمْدِ عَلَى أَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>