للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَرَأَيْتُ فِي تَأْوِيلِهِ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ، لِمَا فِيهِ مِنْ اعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْمَالِيَّةِ. وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ فَائِدَةَ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِالْفَلَسِ.

الثَّانِي: أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ. وَقَدْ اُسْتُضْعِفَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَدْرَكَ مَالَهُ، أَوْ وَجَدَ مَتَاعَهُ " فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إمْكَانَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ السِّلْعَةِ مِنْ يَدِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الَّذِي يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ الْحَدِيثِ: أَنَّ الرَّجُلَ الْمُدْرِكَ هَهُنَا: هُوَ الْبَائِعُ، وَأَنَّ الْحُكْمَ يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ. لَكِنَّ اللَّفْظَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَائِعِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَهُ مَا إذَا أَقْرَضَ رَجُلٌ مَالًا، وَأَفْلَسَ الْمُسْتَقْرِضُ، وَالْمَالُ بَاقٍ، فَإِنَّ الْمُقْرِضَ يَرْجِعُ فِيهِ. وَقَدْ عَلَّلَهُ الْفُقَهَاءُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَبِيعِ، بَعْدَ التَّفْرِيعِ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ.

وَقِيلَ فِي الْقِيَاسِ: مَمْلُوكٌ بِبَدَلِ تَعَذُّرِ تَحْصِيلِهِ. فَأَشْبَهَ الْمَبِيعَ. وَإِدْرَاجُهُ تَحْتَ اللَّفْظِ مُمْكِنٌ إذَا اعْتَبَرْنَاهُ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ. فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقِيَاسِ فِيهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَا بُدَّ فِي الْحَدِيثِ مِنْ إضْمَارِ أُمُورٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ لَفْظًا. مِثْلُ: كَوْنِ الثَّمَنِ غَيْرَ مَقْبُوضٍ. وَمِثْلُ: كَوْنِ السِّلْعَةِ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي دُونَ غَيْرِهِ. وَمِثْلُ: كَوْنِ الْمَالِ لَا يَفِي بِالدُّيُونِ، احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ مُسَاوِيًا، وَقُلْنَا: يُحْجَرُ عَلَى الْمُفْلِسِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا أَجَرَ دَارًا أَوْ دَابَّةً. فَأَفْلَسَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ. فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

وَإِدْرَاجُهُ تَحْتَ لَفْظِ الْحَدِيثِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ: هَلْ يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ " الْمَتَاعِ " أَوْ " الْمَالِ "؟ وَانْطِلَاقُ اسْمِ " الْمَالِ " عَلَيْهَا أَقْوَى وَقَدْ عُلِّلَ مَنْعُ الرُّجُوعِ: بِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ. إذْ لَيْسَ لَهَا وُجُودٌ مُسْتَقِرٌّ. فَإِذَا ثَبَتَ انْطِلَاقُ اسْمِ " الْمَالِ " أَوْ " الْمَتَاعِ " عَلَيْهَا فَقَدْ انْدَرَجَتْ تَحْتَ اللَّفْظِ وَإِنْ نُوزِعَ فِي ذَلِكَ، فَالطَّرِيقُ أَنْ يُقَالَ: إنْ اقْتَضَى الْحَدِيثُ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِالْعَيْنِ. وَمِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ: الرُّجُوعُ فِي الْمَنَافِعِ. فَيَثْبُتُ بِطَرِيقِ اللَّازِمِ، لَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَنْ كَوْنِ اسْمِ " الْمَنَافِعِ " يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ " الْمَالِ " أَوْ " الْمَتَاعِ "؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي اللَّفْظِ مُعَلَّقٌ بِذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>