. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
بِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّمْثِيلُ بِهِمْ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَنْسُوخٌ بِالْحُدُودِ، فَعَنْ قَتَادَةَ: أَنَّهُ قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قِصَّتَهُمْ - وَذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الْمُثْلَةِ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] الْآيَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا " وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْهُ إلَى ابْنِ سِيرِينَ - قَالَ " كَانَ شَأْنُ الْعُرَنِيِّينَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَائِدَةِ مِنْ شَأْنِ الْمُحَارِبِينَ أَنْ يُقْتَلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا فَكَانَ شَأْنُ الْعُرَنِيِّينَ مَنْسُوخًا بِالْآيَةِ الَّتِي يَصِفُ فِيهَا إقَامَةَ حُدُودِهِمْ " وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ - وَسُئِلَ عَنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ؟ - فَقَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ الْمُحَارِبِينَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِي آخِرِهِ " فَمَا مَثَّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، وَنَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ وَقَالَ: لَا تُمَثِّلُوا بِشَيْءٍ " وَفِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الطَّبَرِيِّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ - بِسَنَدِهِ إلَى جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ بِقِصَّتِهِمْ - وَفِي آخِرِهِ «فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَلَ الْأَعْيُنَ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] الْآيَةُ» وَرَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ حَدِيثًا مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «مَا قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ» وَقَالَ قَالَ ابْنُ شَاهِينِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَنْسَخُ كُلَّ مُثْلَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَادِّعَاءُ النَّسْخِ مُحْتَاجٌ إلَى تَارِيخٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّمَا سَمَلَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرُّعَاةِ فَاقْتَصَّ مِنْهُمْ بِمِثْلِ مَا فَعَلُوا وَالْحُكْمُ ثَابِتٌ. قُلْت: هُنَا تَقْصِيرٌ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَّ فِيهِ الْمُثْلَةُ مِنْ جِهَاتٌ عَدِيدَةٍ، وَبِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ فَهَبْ أَنَّهُ ثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي سَمْلِ الْأَعْيُنِ، فَمَاذَا يَصْنَعُ بِبَاقِي مَا جَرَى مِنْ الْمُثْلَةِ؟ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَوَابٍ عَنْ هَذَا، وَقَدْ رَأَيْت عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ أَنَّهُ ذَكَرَ " أَنَّهُمْ قَتَلُوا يَسَارًا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ مَثَّلُوا بِهِ " فَلَوْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا: كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَقْصُودِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ سَمْلِ الْأَعْيُنِ فَقَطْ، عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute