٣٥٢ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ - فَنَادَاهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي زَنَيْت، فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي زَنَيْت، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ: دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ أُحْصِنْت؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ " كُنْت فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّيْ، فَلَمَّا
ــ
[إحكام الأحكام]
وَفِيمَا قَالَهُ فِي الثَّانِي نَظَرٌ أَيْضًا، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَيْبُ أَوْجَبَ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا عِنْدَ النَّاسِ فَيَكُونُ بَيْعُهَا بِالنُّقْصَانِ بَيْعًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، لَا بَيْعًا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ الْحَدُّ الْمَنُوطُ بِهَا، دُونَ ضَرْبِ التَّعْزِيرِ وَالتَّأْدِيبِ، وَنُقِلَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إيجَابُ الْحَدِّ، وَإِيجَابُ الْبَيْعِ أَيْضًا، وَأَنْ لَا يُمْسِكَهَا إذَا زَنَتْ أَرْبَعًا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ فِي الْحَدِيثِ إشَارَةً إلَى إعْلَامِ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ بِعَيْبِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِالْعِلْمِ بِعَيْبِهَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ تَنْقُصْ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: إنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعُقُوبَاتِ إذَا لَمْ تُفِدْ مَقْصُودَهَا مِنْ الزَّجْرِ لَمْ تُفْعَلْ، فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً كَالْحَدِّ فَلِتَرْكِ الشَّرْطِ فِي وُجُوبِهَا عَلَى السَّيِّدِ وَهُوَ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ: إمَّا تَرْكُ الْحَدِّ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِوُجُوبِهِ، وَإِمَّا إزَالَةُ شَرْطِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمِلْكُ، فَتَعَيَّنَ. وَلَمْ يَقُلْ: اُتْرُكُوهَا، أَوْ حُدُّوهَا كُلَّمَا تَكَرَّرَ لِأَجَلِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا التَّعْزِيرَاتُ الَّتِي لَا تُفِيدُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةِ الْفِعْلِ فَيُمْكِنُ تَرْكُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute