. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
يُقَاتِلْ لِذَلِكَ. فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: تَكُونُ فَائِدَتُهُ بَيَانَ أَنَّ الْقِتَالَ لِهَذِهِ الْأَغْرَاضِ مَانِعٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ: تَكُونُ فَائِدَتُهُ: أَنَّ الْقِتَالَ لِأَجْلِ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى شَرْطٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ الِاشْتِرَاطُ، لَكِنْ إذَا قُلْنَا بِذَلِكَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ نُضَيِّقَ فِيهِ، بِحَيْثُ تُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِسَاعَةِ شُرُوعِهِ فِي الْقِتَالِ، بَلْ يَكُونُ الْأَمْرُ أَوْسَعَ مِنْ هَذَا. وَيُكْتَفَى بِالْقَصْدِ الْعَامِّ لِتَوَجُّهِهِ إلَى الْقِتَالِ، وَقَصْدِهِ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَشْهَدُ لِهَذَا: الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي أَنَّهُ «يُكْتَبُ لِلْمُجَاهِدِ اسْتِنَانُ فَرَسِهِ، وَشُرْبُهَا فِي النَّهْرِ» مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِذَلِكَ، لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ الْأَوَّلُ إلَى الْجِهَادِ وَاقِعًا لَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْجُزْئِيَّاتِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، إلَّا أَنَّ الْأَقْرَبَ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُ الْقَصْدِ بِأَوَّلِ الْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ صَحِيحًا فِي الْجِهَادِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، فَإِنَّ حَالَةَ الْفَزَعِ حَالَةُ دَهَشٍ.
وَقَدْ تَأْتِي عَلَى غَفْلَةٍ فَالْتِزَامُ حُضُورِ الْخَوَاطِرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ. ثُمَّ إنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: مُؤْمِنٌ، قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَالْمُجَاهِدُ لِطَلَبِ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيَشْهَدُ لَهُ: فِعْلُ الصَّحَابِيِّ - وَقَدْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «قُومُوا إلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ» - فَأَلْقَى الثَّمَرَاتِ الَّتِي كُنَّ فِي يَدِهِ، وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ قَاتَلَ لِثَوَابِ الْجَنَّةِ، وَالشَّرِيعَةُ كُلُّهَا طَافِحَةٌ بِأَنَّ الْأَعْمَالَ لِأَجْلِ الْجَنَّةِ أَعْمَالٌ صَحِيحَةٌ، غَيْرُ مَعْلُولَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ صِفَةَ الْجَنَّةِ، وَمَا أَعُدْ فِيهَا لِلْعَامِلِينَ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْعَمَلِ، وَمُحَالٌ أَنْ يُرَغِّبَهُمْ لِلْعَمَلِ لِلثَّوَابِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ مَعْلُولًا مَدْخُولًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّ غَيْرَ هَذَا الْمَقَامِ أَعْلَى مِنْهُ، فَهَذَا قَدْ يُتَسَامَحُ فِيهِ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ عِلَّةً فِي الْعَمَلِ فَلَا. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، وَأَنَّ الْمُقَاتِلَ لِثَوَابِ اللَّهِ، وَلِلْجَنَّةِ: مُقَاتِلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يُضَافَ إلَى هَذَا الْمَقْصُودِ - أَعْنِي الْقِتَالَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى - مَا هُوَ مِثْلُهُ، أَوْ مَا يُلَازِمُهُ، كَالْقِتَالِ لِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَإِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute