للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضربته، ولولا (١) أمّا لكان النّصب أولى ليكون عطف جملة فعليّة، على جملة فعليّة فقدّم اعتبار أمّا فكان الرّفع أولى (٢) ومثال غلبة الطلب قولك: قمت وأمّا عمرا فاضربه، بنصب عمرو، وإنّما قدّم الطلب على قرينة الرفع التي هي: أمّا وإذا لأنّك إذا رفعت وجب رفعه على الابتداء ووقع الطّلب خبرا وهو لا يقع خبرا إلّا بتأويل كما تقدّم، وأمّا النّصب فلا بعد فيه، لأنّه ينصب بفعل مقدّر مثله فلا يحتاج إلى تأويل ويستوي/ الرّفع والنّصب (٣) إذا تقدمت جملة ذات وجهين نحو: زيد قام وعمرو أكرمته، فجاز في عمرو الرفع والنّصب من غير ترجيح (٤) لأنّه إن رجّح النصب لقرب المعطوف عليه وهو الجملة الصغرى أعني قام، رجّح الرفع لعدم حذف العامل فيتعارضان (٥).

واعلم أنّ نصب وعمرا أكرمته عطفا على الجملة الصغرى لا يستقيم إلّا أن يقدّر في الجملة المعطوفة ضمير يعود إلى زيد، نحو: عنده أو في داره، بحيث يصير التقدير: زيد قام، وعمرا أكرمته في داره (٦) لأنّ الجملة المعطوفة إذا لم يكن فيها ضمير يعود إلى المبتدأ، لا تصحّ أن تكون خبرا عنه، وإذا لم تصحّ أن تكون خبرا، لا يصحّ عطفها على خبره لوجوب أن يتحقّق للمعطوف ما يجب ويمتنع للمعطوف عليه، والأخفش يمنع من جواز هذه المسألة، لأنّ الجملة الصغرى المعطوف عليها، لها موضع من الإعراب لوقوعها موقع المفرد، وموضعها الرّفع لأنّها خبر المبتدأ، والجملة المعطوفة أعني وعمرا أكرمته، لا موضع لها من الإعراب، لأنّ الجمل لا موضع لها من الإعراب، إلّا إذا كانت في تأويل المفرد، فلا يصحّ عطف ما لا موضع له على ما له موضع من الإعراب، وأجاب أبو علي الفارسي (٧): أنّه لمّا كان


(١) من قوله: ولولا ... إلى قوله: ويستوي الرفع والنصب، الكثير منه مطموس.
(٢) شرح ابن عقيل، ٢/ ١٣٨.
(٣) الكافية، ٣٩١ - ٣٩٢.
(٤) الكتاب، ١/ ٩١ والمغني، ٢/ ٣٨٠ - ٣٨٢ وحاشية الصبان، ٢/ ٨١.
(٥) شرح الوافية، ٢٠٩.
(٦) شرح التصريح، ١/ ٣٠٤.
(٧) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، نحوي مشهور. توفي ٣٧٧ هـ. انظر ترجمته في الفهرست ٩٥ ونزهة الألباء ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>