للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتبار من الكنايات وإلّا لزم أن يكون أين ومتى، كنايتين عن مكان وزمان مبهمين، لأنّ كم كما يفيد الاستفهام والعدد فكذلك أين يفيد الاستفهام والمكان (١)، وقال السخاوي (٢) في شرح المفصل ما معناه: إنّ كم الاستفهامية من الكنايات أيضا، قال: لأنّها في الاستفهام سؤال عن عدد مبهم فلا شيء من العدد إلّا ويصلح أن يكون جوابا، وبنيت الاستفهامية لتضمنها همزة الاستفهام، والخبريّة لكونها مثل الاستفهاميّة في الصيغة (٣) وبني «كذا» لكونه منقولا عن مبنيّ لأنّ أصله «ذا» ودخلت عليه كاف التشبيه فبقي على ما كان عليه (٤) وأما كيت وكيت وذيت وذيت، فكنايتان عن الحديث، وبنيا لكونهما واقعين موقع المبنيّ وهو الجملة (٥) أعني الحديث الذي كني عنه بهما/.

ومميّزكم الاستفهامية (٦) مفرد منصوب نحو: كم رجلا ضربت، لأنّ كم للعدد فجعل مميّزها كمميّز الأعداد المتوسطة أعني من أحد عشر إلى تسعة وتسعين ولم يجعل كمميّز طرفي العدد أعني العشرة وما دونها والمائة وما فوقها، لئلا يلزم الترجيح بلا مرجّح، ويدخل «من» في مميّزها فيخفض نحو: كم من رجل ضربت، ومميّزكم الخبريّة مجرور مفرد، ومجموع كقولك: كم درهم وهبت، وكم دراهم وهبت، أما كونه مجرورا، فلأنّها للتكثير، والعدد الصريح الكثير، مميّزه مجرور كمائة وألف، وأما كونه مفردا، فلأنّ مميّز العدد الكثير كذلك، وأمّا كونه جاء مجموعا فلأنّ العدد الكثير، فيه ما ينبيء عن كميّته صريحا كالمائة والألف، ولما كان


(١) شرح الكافية، لابن الحاجب ٢/ ٥٤٩ والنقل منه بتصرف يسير. وانظر شرح الكافية، للرضي ٢/ ٩٤ وهمع الهوامع، ٢/ ٧٥.
(٢) هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي ولد في سخا سنة ٥٥٩ هـ وقرأ على الشاطبي، ثم نزل دمشق وقرأ عليه خلق كثير، كان بصيرا بالقراءات وعللها وإماما في النحو واللغة والتفسير عارفا بأصول الفقه له من التصانيف شرحان على المفصل، وسفر السعادة وسفير الإفادة، وشرح على الشاطبيّة مات سنة ٦٤٣ هـ انظر ترجمته في إنباه الرواة، ٢/ ٣١١ وبغية الوعاة، ٢/ ١٩٢ وطبقات المفسرين، للداوودي، ١/ ٤٢٥.
(٣) شرح الكافية، ٢/ ٩٤.
(٤) همع الهوامع، ٢/ ٧٦.
(٥) شرح الكافية، ٢/ ٩٥.
(٦) الكافية، ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>