للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥١٧ - حدثنا حمدانُ بن عليٍّ الوَرَّاق (١)، وأبو أمية قالا: حدثنا أبو نُعيم الفضل بن دُكَين، حدثنا أبو عاصم محمد بن أبي أيُّوبَ الثَّقَفِيُّ، ح

وحدثَنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا سعيدُ بن سليمان (٢)، عن

⦗٢٣٦⦘ عبد الواحد بن سُلَيم البصريُّ (٣) قالا: حدثنا يزيد بن صُهيبٍ الفقِير (٤) قال: كنتُ قد شَغَفَنِي رَأْيٌ (٥) مِن رَأْيِ الخَوارجِ (٦)، كنتُ رَجُلًا شَابا فخرجنا

⦗٢٣٨⦘ في عِصَابَةٍ ذَوِي عَددٍ يزيد أن نَحُجَّ، ثمَّ نَخْرُج على النَّاسِ.

قال: فمَرَرْنَا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يحدِّثُ القومَ عن رسولِ الله جَالسٌ إلى سَاريةٍ، وإذا هوَ قد ذكره الجَهَنَّمِيِّيْنَ (٧)، فقلتُ لَهُ: يا أصحابَ (٨) رسولِ الله (٩) ما هذا الذي تُحَدِّثون؟ واللهُ يقولُ: ﴿إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ (١٠) و ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ (١١) فما هذا الذي تقولون؟ قال: فقال (١٢): أيْ بُنيَّ أتقرأ القُرآنَ؟ قلتُ: نعَم. قال: فهل سمِعتم (١٣) بمقام محمدٍ المحمود الذي يَبْعَثُهُ الله فيه؟ قلتُ: نَعَم. قال: فإنه مقام محمدٍ المحمود (١٤) الذي يُخْرِج الله به مَن يُخْرِج مِن النَّار.

قال: ثمّ نعتَ وَضْعَ الصِّراطِ ومَرَّ النَّاسِ عليه، قال: فأَخَافُ أن لا أكونَ حفِظتُ ذاك (١٥) غيرَ أنَّه قد زَعَمَ أن قومًا يَخْرُجونَ مِن النَّار بعدَ

⦗٢٣٩⦘ أن يكونوا فيها.

قال: فَيَخْرُجونَ كأنَّهم عيدَانُ السَّماسمِ (١٦).

قالَ: فَيُدخَلُون نَهرًا مِن أنهار الجنَّة فيغتسلون فيه فيَخْرُجُونَ كأنَّهم القَرَاطيسُ البِيض. قال: فرجعنا فقلنا: وَيْحَكم أترونَ هذا الشيخَ يكذِبُ على رسول الله ؟ فَرَجَعْنَا، ووَاللهِ ما خرَج منا رجلٌ غيرُ واحد.

هذا لفظ أبي عاصم، وقال عبد الواحد بن سُلَيمٍ في آخر حَديثه: قال جَابر: الشَّفاعَةُ بَيِّنَةٌ في كتابِ الله: ﴿مَا سَلَكَكُمْ في سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)(١٧).


(١) هو: محمد بن علي بن ميمون البغدادي، أبو جعفر الوراق، وحمدان لقبه.
(٢) الضبي، أبو عثمان الواسطي البزاز.
(٣) المالكي، ضعفه ابن معين، وقال الإمام أحمد: "حديثه حديثٌ منكر، وأحاديثه موضوعة"، وقال البخاري: "فيه نظر"، وضعفه يعقوب بن سفيان الفسوي، والنسائي، والعقيلي وغيرهم.
وقال أبو حاتم: "شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات، وتعجَّب الذهبي من ذلك.
وقال الحافظ ابن حجر: "ضعيف".
وقد تابعه أبو عاصم الثقفي في هذا الإسناد فالاعتماد عليه.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (٦/ ٩٢ في ترجمة عبادة بن الصامت)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص: ١٦٣)، الضعفاء للعقيلي (٣/ ٥٣)، الجرح والتعديل (٦/ ٢١)، الثقات لابن حبان (٧/ ١٢٣)، الكامل لابن عدي (٥/ ١٩٣٨)، تهذيب الكمال (١٨/ ٤٥٥) الميزان للذهبي (٣/ ٦٧٣)، تهذيب التهذيب (٦/ ٣٨١)، التقريب لابن حجر (٤٢٤١).
(٤) أبو عثمان الكوفي، ونسبته بالفقير ليس إلى الفقر، بل لأنه أصيب في فقار ظهره، فكان يألم منه حتى ينحني له.
انظر: كشف النقاب لابن الجوزي (٣٥٤)، علوم الحديث لابن الصلاح (ص: ٦٣٦).
(٥) وهذا الرأي كما يظهر من السياق هو القول بتخليد أصحاب الكبائر في النار، وأن من دخل النار لا يخرج منها، وذكر النووي معنى هذا في شرحه لصحيح مسلم.
انظر: شرح مسلم للنووي (٣/ ٥٠).
(٦) قال الشهرستاني: "كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيًّا، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم =
⦗٢٣٧⦘ = على التابعين بإحسان، والأئمة في كل زمان".
وكان أساسهم ومنبت فكرهم ذا الخويصرة التميمي الذي اعترض على النبي في قسمة غنائم حنين فقال: "اتق الله يا محمد" فقال له النبي : "من يطع الله إذا عصيت؟ أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني؟ "، ثم قال: "إن من ضئضئ هذا قومٌ يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرميَّة، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عادٍ". أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب أحاديث الأنبياء- باب قول الله تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا﴾ (الفتح ٦/ ٤٣٣ ح ٣٣٤٤). وانظر أيضًا صحيح مسلم -كتاب الزكاة- باب ذكر الخوارج وصفاتهم (٣/ ٧٤٠ - ٧٥٠).
وأول ظهورهم كان في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وسُمُّوا بالخوارج لخروجهم عليه سنة ٣٧ هـ، وسمُّوا أيضًا بالشُّراة، وبالمُحَكِّمة، وبالحرورية، وهم من أوائل الفرق البدعية التي ظهرت في الإسلام، وأذاقوا المسلمين الويلات، وكانوا سببًا في كثير من الفتن، والانشقاق ومفارقة الجماعة، وقد افترقوا إلى فرقٍ كثيرة، ومن أهم مقالاتهم القول بتخليد أصحاب الكبائر في النار، وأن من دخل النار لا يخرج منها، وإنكارهم الشفاعة يوم القيامة وغير ذلك.
قال الشهرستاني: "ويجمعهم القول بالتبري من عثمان وعليٍّ ، ويقدمون ذلك على كلِّ طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك، ويكفرون أصحاب الكبائر، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السُّنَّة حقًّا واجبًا".
انظر حول الخوارج وظهورهم وفرقهم ومقالاتهم:
تاريخ ابن جرير الطبري (٣/ ١٠٥ وما بعدها)، مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري (ص: ٦٤ و ١٦٤ وما بعدها)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٣١ - ١٦١)، دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين (الخوارج والشيعة) للدكتور أحمد محمد جلي (ص: ٥١ وما بعدها).
(٧) في (ط) و (ك): "الجهنَّميون".
(٨) في (ط) و (ك): "يا صاحب"، وهي رواية مسلم.
(٩) الصلاة على النبي ليست في (ط) و (ك).
(١٠) سورة آل عمران- الآية (١٩٢).
(١١) سورة السجدة- الآية (٢٠).
(١٢) كلمة: "فقال" لم ترد في (ط) و (ك).
(١٣) في (ط) و (ك): "أسمعتم".
(١٤) في (ط) و (ك): "محمود" بدون تعريف.
(١٥) في (م): "ذلك".
(١٦) قال ابن الأثير: "هكذا يُروى في كتاب مسلم على اختلاف طرقه ونسخه، فإن صحَّت الرواية بها فمعناه -والله أعلم- أن السَّماسم جمع سمسم، وعيدانه تراها -إذا قُلعت وتُركت ليؤخذ حبُّها- دِقاقًا سودًا كأنها محترقة، فشُبِّه بها هؤلاء الذين يخرجون من النار وقد امتحشوا، وطالما تطلَّبت معنى هذه الكلمة، وسألت عنها فلم أر شافيًا، ولا أُجبتُ فيها بمقنع، وما أشبه أن تكون هذه اللفظة محرَّفة، وربما كانت: "كأنهم عيدان الساسم" وهو خشب أسود كالآبنوس، والله أعلم". واختار النووي أنه السمسم على ما بيَّنه ابن الأثير.
انظر: النهاية لابن الأثير (٤٠٠)، شرح مسلم للنووي (٣/ ٥١ - ٥٢).
(١٧) الآيات من سورة المدثِّر، والحديث أخرجه مسلمٌ في كتاب الإيمان -باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (١/ ١٧٩ ح ٢٣٠) عن حجاج بن الشاعر عن أبي نعيم الفضل بن دكين، به.=
⦗٢٤٠⦘ = وأخرجه (ح ٣١٩) عن حجاجٍ عن أبي أحمد الزبيري عن قيس العنبري عن يزيد الفقير به.
وبهامش الأصل في هذا الموضع النص التالي: "آخر الجزء الثاني، وأول الجزء الثالث.
فائدة الاستخراج:
١ - في إسناد المصنِّف بيان نسبة أبي عاصم محمد بن أبي أيوب، وبيان اسم أبي صهيب الفقير، وورد عند مسلم بدونهما.
٢ - استشهاد جابر بالآيات من سورة المدثر في آخر الحديث ليس عند مسلم.