فهل على الحافظ أبي عوانة مؤاخذة في عدم وفائه بشرط الاستخراج في مثل هذه المواضع؟ وهل يفضّل صنيع الحافظ أبي نعيم على صنيعه، لوفائه بالشرط دونه؟ والذي يظهر، والعلم عند الله، أنه لا مؤاخذة على الحافظ أبي عوانة في صنيعه هذا، وصنيعه مفضل على صنيع الحافظ أبي نعيم، ووجه ذلك أن موضع الالتقاء للطرق المختلفة، كما بعد من طرف السند الموالي لمخرِّجيها، وقرب من أصله الموالي للصحابي، كان أدعى لتقوية الحديث، إذا كانت الطرق صالحة.
وتوضيح ذلك من الأمثلة، أن في المثال الأول، أوصل صنيع أبي عوانة الحديث إلى حد الشهرة عن الزهريّ، بخلاف صنيع أبي نعيم، الذي لم يحصل به رفع التفرد عن مالك في روايته عن الزهريّ بالرغم من أنه أتى بطريق زائدة.
وفي المثال الثالث، حصل من صنيع أبي عوانة رفع التفرد عن ابن عون برواية الحديث من طريق يونس بن عبيد، التي جعلت موضع الالتقاء أبعد من طرف السند، ولو كان موضع الالتقاء أقرب من الطرف لما حصل ذلك، وهكذا، كلما بعد موضع الالتقاء ازداد تعدد مخرج الحديث.
[المطلب الخامس: في ذكرهما موضع الالتقاء مع إسناد صاحب الأصل المخرج عليه]
لم ينبه الحافظ أبو عوانة -رحمه الله تعالى- في كتابه على موضع الالتقاء مع صحيح مسلم -رحمه الله تعالى- في القسم المتعلق بهذه المقارنة.
وأما الحافظ أبو نعيم -رحمه الله تعالى- فكان من منهجه أنه يذكر تخريج الإمام مسلم للحديث إثر كل طريق يورده في كتابه، وهذا هو الغالب