للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَابُ (١) بَيَانِ ضحكِ الله (٢) مِنْ عبده، وإلَى عبِيْدهِ، وأن أوْلَ مَنْ يَدْخُلُ الجنَّة تَكُونُ وُجُوْههمْ علَى صُوْرَةِ القَمَرِ، ثَم منْ دَخَلَها بَعْدَهُمْ نُورُ وُجُوْهِهمْ دُوْنَ قَدْرِ مَنْ تَقَدمَهُمْ


(١) كلمة "باب" ليست في (ط) و (ك).
(٢) إثبات صفة الضحك لله على الوجه اللائق به سبحانه من غير تشبيهٍ لها -بضحك المخلوقين- أو تأويلٍ، أو تعطيل، أو تكييف هو المذهب الحق الذي كان عليه السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل السنة رضوان الله عليهم أجمعين.
قال الآجري رحمه الله تعالى: "أهل الحق يصفون الله ﷿ بما وصف به نفسه ﷿، وبما وصفه به رسوله ، وبما وصفه به الصحابة ، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع، ولا يقال: كيف؟ بل التسليم له، والإيمان به: أن الله ﷿ يضحك، كذا روي عن النبي ، وعن صحابته ، فلا ينكر هذا إلا من لا يُحمد حاله عند أهل الحق".
انظر: الشريعة للآجري (ص: ٢٧٧).
واعلم أن أغلب الشراح المتأخرين -كالقرطبي والقاضي عياض والنووي وابن حجر رحمهم الله تعالى- لهذه الأحاديث وما شابهها من أحاديث الصفات إما أن يذهب فيها إلى التفويض مع قوله بأن ظاهرها غير مراد، أو تأويلها بالرضى والرحمة وإرادة الخير ونحو ذلك من التأويل المذموم، ويزعم أن هذين المذهبين هما المذهب الحق باعتبار أن التفويض أسلم، والتأويل أعلم وأحكم!
وما قرَّره السلف رحمهم الله تعالى: هو المذهب الأسلم والأعلم والأحكم، وهو أن يوصف الله ﷿ بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ، من غير تشبيهٍ =
⦗٩٥⦘ = بصفات المخلوقين، ولا تأويل لها، ولا تكييف، ولا تعطيل، لأن الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات، فكما نثبت لله ﷿ ذاتًا تليق بجلاله وعظمته لا تشبه ذوات المخلوقين، فكذلك نثبت له صفاتٍ أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله لا تشبه صفات المخلوقين، والكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر.
هذه من قواعد السلف رضوان الله عليهم أجمعين في تقرير عقيدة الأسماء والصفات، ذكرها الخطيب البغدادي في جزءٍ له في الكلام على الصفات -وهو مخطوط في الظاهرية نقل عنه الشيخ الألباني، ونقل الذهبي بعضه في ترجمة الخطيب في السير-.
وقد صاغ هذه القواعد وجمعها وأورد لها الأدلة النقلية والعقلية شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من كتبه، ومن أنفعها: الرسالة التدمرية، والرسالة الحموية.
انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٨/ ٢٨٤)، مقدمة مختصر العلوم للألباني (ص: ٤٨).