الحمد لله الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم، والصَّلاة والسَّلام على رسول الهدى الذي أمره الله بالعلم قبل العمل في قوله -جلّ ثناؤه-: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾، وعلى آله وأصحابه ومَنْ بأثره اقتفى والتزم. وبعد:
فإنَّ الاشتغال بطلب العلم والتفقّه في الدّين من أجلّ المقاصد وأعظم الغايات وأولى المهمّات؛ لذلك ندب إليه الشَّارع الحكيم في كثير من نصوص كتابه، وأمَرَ نبيّه ﷺ بالزيادة منه؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢].
وقال جلّ وعلا: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: ١١٤].
وقد رتّب النبي ﷺ الخير كلَّه على التفقّه في الدّين، فقال ﷺ:"من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين" متّفق عليه. وقال ﷺ:"النَّاس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" متّفق عليه. وهذا مما يدلّ على أهميته وعظم شأنه.
لذلك كان الاهتمام بالعلم الشّرعيّ المستمدّ من الكتاب والسنّة وفهمِ السَّلف الصَّالح هو الهدف الأسمى لمؤسس هذه الدّولة المباركة الملك عبد العزيز - يرحمه الله - وكذلك أبناؤه من بعده الذين كانت لهم اليد الطولى وقَدَمُ السَّبقِ في الاهتمام بالعلم وأهله، فأولوه عنايةً فائقةً، وخصّوه بجهود