عاش أَبو عوانة -رحمه الله تعالى- في الفترة (٢٣٠ - ٣١٦ هـ) التي كانت قد صُنِّفَتْ فيها أمهاتُ المصادر في علم الحديث من الصِّحَاح، والسُّنَنِ، والمسانيد، وغيرها، ومع ذلك فإن العلماءَ في تلك الحقبة من الزمن عُنُوا بالسماع والتلقّي عن الشيوخ، والرحلة في طلب الحديث، ولم يقتصروا على الأخذ من المصنفات الحديثية.
ورحلات أبي عوانة إلى الآفاق كانت من ثمار هذا الدافع، فقد مكَّنَتْه رحلاتُه من الالتقاء بعدد كبير من المشايخ -كما سبق- فروى عنهم ما دوَّنه في هذا السِّفْرِ العظيم.
ولأن مادة الكتاب مادة حديثية؛ فسنكتفي بدراسة مصادره الحديثية، حيث تنوعت إلى عدة أنواع:
النوع الأول: الرواية:
وهذا النوع هو الغالب على طابع الكتاب، فالإمام أَبو عوانة إمام رحَّال طاف البلدان، ورحل إلى الأمصار، ولقي أئمة الحديث أصحاب الرواية فأخذ عنهم، فمنهم من أكثر عنهم كأبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، ومحمد بن يحيى الذهلى، ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد ابن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن جعفر الصائغ، ومحمد بن رجاء السندي -وله كتاب مخرج على صحيح مسلم (١) - ويونس بن مسلم [*] وغيرهم.