للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بابُ ذكرِ الخبر المبَيِّن أنَّ القَارِن إذَا قدِم مكَّة طافَ بِالبيتِ وبالصَّفا والمرْوَةِ طَوَافًا واحدًا، ويَكْفِيْهِ هذا الطوَافُ لِحَجَّةٍ وعمْرَةٍ وَيَنْحَرُ ويَحْلِقُ يَوْمَ النَّحرِ ويَكْفِيْه طَوَافُه الأَوَّلُ (١)


(١) يظهرُ من كلامِ المصنِّف أَنَّ أحاديث الباب تدلُّ على أنَّ القَارنَ يكفِيه طوافٌ واحد، وسعيٌ واحد، فإن قدِم القَارنُ مكَّة وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، كفاه ذلك عن طواف الحجِّ والعُمرة، ويُغنيه طوافُه الأول عن طواف الإفاضة، ولكنِّي لم أقف على أحدٍ ذهب هذا المذهب أو شرح الحديث بهذا المعنى، اللهمَّ إلا ما نسبه الحافظ ابن عبد البر (الاستذكار ١٢/ ٨٥) إلى الإمام مالك قوله: ". . أنَّ طواف الدخول إذا وصل بالسَّعي يجزي عن طواف الإفاضة لمن تركه جاهلا أو لسنة، ولم يؤده حتى رجع إلى بلده، وعليه الهدي"، مستدلا للإمام مالك بحديث ابن عمر أعلاه، ثم قال عقبه: "ولا أعلم أحدا قاله غير مالك ومن اتبعه من أصحابه".
ولعلَّ المصنِّف الحافظ أبا عوانة لا يرى هذا الرأيَ أيضًا، فإنِّي عهدتُّه يعقد ترجمة الباب على ما يوهمه ظاهرُ أحاديث البابِ فيذكرُ المسائِل التي يمكن استنباطُها من ظاهِر الأحَادِيث في تَرْجَمَةِ الباب، ويعقب ذلك الباب بباب آخر يذكر فيها مسائل مستنبطة تخالف مسائل الباب المتقدِّم، وهنالك احتمال آخر، وهو أن يكون المقصود من قوله: "ويكفيه هذا الطواف. . ويكفيه طَوافُه الأوَّل"، السعيَ بين الصفا والمروة فقط، وعلى هذا يرتفِع الإشكال، كما يدلُّ على ذلك حديث جابر الآتي ح / ٤١٣٨، ٤١٣٩. =
⦗١٣⦘ = قال النَّووي في شرحه على مسلم (٢/ ٤١٩ - ٤٢٠): "هذا الطواف هو طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحجِّ بإجماع المسلمين … وشرطه أن يكون بعد الوقوف بعرفات، حتى لو طاف للإفاضة بعد نصف ليلة النَّحر قبل الوقوف، ثم أسرع إلى عرفات فوقف قبل الفجر، لم يصح طوافه لأنَّه قدَّمه على الوُقوف".