للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥١٨ - حَدثنا محمد بن عبد الملك الواسطي، وأبو أُمية، والصاغاني قالوا: حدثنا جَعفر بن عَوْنٍ، أخبرنا هشامُ بن سَعد، عن زيد بن أسلَمَ، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدري قال: قال رسول الله : "إذا خَلص المؤمنون مِن النارِ وأمنوا، فوَالذي نفسي بيدهِ ما أَحَدٌ نَاشَدَ (١) مُناشَدَةً -في الحق يُريد (٢) مُضِيًّا له- من المؤمنين في إخوانِهم إذا رأوهم قَد خَلَصُوا مِن النَّار يقولون: أَيْ ربنا إخواننا، إخواننا (٣) كانوا يُصَلُّون معنا وَيَصُومون معنا (٤) ويَحُجُّون مَعَنا وَيُجاهدون

⦗٢٤٢⦘ مَعَنا، قد أَخَذَتْهُمْ النَّارُ.

فيقول: اذهَبُوا فَمَن عَرَفتم صورتَهُ فأخرِجُوه، وَتُحرَّمُ صُورُهم (٥) على النار فَيَجدون الرجلَ قد أخذَتْهُ النارُ إلى قدميه، وإلى أنصافِ ساقيه، وإلى ركبتيه، وإلى حَقوِهِ (٦)، فيُخرِجون مِنها بشرًا كثيرًا، ثم يعودون فيتكلمون، فيقول: اذهَبُوا فمَن وجدتم في قلبِهِ مثقالَ قيراط مِن خيرٍ (٧) فأَخرِجوه، فيُخْرِجون مِنها بشرًا كثيرًا، ثم يعودون فيتكلمون فيقول: اذهَبُوا فمَن وجدتم فيه -أو قال: في قلبِهِ- نصف قيراط خيرٍ -أو قال: مثقال نصف قيراط خير- فأخرِجوه، فيُخرِجون مِنها بشرًا كثيرًا، ثم يعودون فيتكلمون فلا يزال يقول ذلك لهم حتى يقول: اذهَبُوا فأخرِجوا مَن وجدتم في قلبه (٨) ذرَّةً مِن خير فأَخرِجوه.

فكانَ أبو سعيد إذا حدث إذا الحديث يقول: إن لم تُصَدِّقوا فاقرؤوا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ

⦗٢٤٣⦘ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)(٩).

فيقولونَ: ربنا لم نذر فيها خيرًا، فيقول: قد شَفَعَت الملائكة، وشَفَعَ (١٠) الأنبياء وشَفَعَ المؤمنونَ فهل بَقِيَ إلا أرحم الراحمين؟

قال: فيأخُذ قَبْضَةً مِن النَّار فيُخْرِجُ قَومًا قد عادُوا حُمَمَةً (١١) لم يعملوا له عملَ خيرٍ قط، فيُطْرَحُونَ في نهرٍ من أفوارِ (١٢) الجنَّةِ يقال (١٣) له: نهر الحياة، فَيَنْبُتُونَ فيه -وَالذي نفسي بيدِهِ- كما تَنْبُتُ الحبَّة في حَمِيلِ السَّيْل ألم تروْنَها (١٤) وَمَا يَليْها من الظِّل

⦗٢٤٤⦘ أُصَيْفِرَ وما يليها من الشَّمس أُخَيْضِرَ".

قُلنا: يا رسولَ الله كأنك كُنتَ في الماشيةِ (١٥).

فينبتُون (١٦) كذلك فيخرجُون منهُ مثل اللؤلؤ فتُجْعَل في أعْنَاقِهم الخَوَاتيم، ثمَّ يُرْسَلُونَ في الجنَّةِ يقولون: هؤلاء الجَهَنَّمِيُّونَ، هؤلاء الذين أخرجَهم الله مِن النَّار بغيرِ عَمَلٍ عمِلوه ولا خيرٍ قَدَّمُوه، يَقول الله (١٧) لهم: خُذوا فلكم ما أَخَذْتُم، فيأخذون حتى ينتهوا، ثمَّ يقُولُونَ: رَبَّنا أعْطَيْتَنا ما لم تُعْطِ أحدًا مِن العَالمينَ، فيقول الله (١٨): فإني أَعْطَيتُكم أفضَلَ مما أَخَذْتُم، فيقولون: ربنا وَما أفضل (١٩) مما أخذنا؟ فيقول: رِضْوَاني، فلا أَسْخَطُ عليكم أبدًا" (٢٠).


(١) في (م): "ناشده"، وفي (ك): "بأشد" ولعله الصواب، وفي صحيح مسلم: "ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استيفاء الحق من المؤمنين لله … ".
(٢) كذا في الأصل و (م) و (ك)، وعليها في الأصل ضبة، وفي (ط): "بربِّه" ولعله سبق قلم.
(٣) كلمة "إخواننا" الثانية عليها في الأصل ضبة، وفي (ط) و (ك) وردت مرة واحدة فقط.
(٤) قوله: "ويصومون معنا" سقط من (ط).
(٥) في (ط) و (ك): "صورتهم".
(٦) في (ط) و (ك): "حقويه"، والحقو: معقد الإزار من الخَصْر، وقد يسمى الإزار حقوًا للمجاورة.
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٤٦)، النهاية لابن الأثير (١/ ٤١٧).
(٧) المراد بالخير هنا: الإيمان بخصوصه بدليل ما ورد في الرواية الآتية برقم (٥٢٣)، ولكون الإيمان محله القلب.
(٨) في (ط) و (ك) في هذا الموضع زيادة: "مثقال".
(٩) سورة النساء- الآية (٤٠).
(١٠) في (ط) و (ك): "وشفعت".
(١١) واحدة الحُمَم وهو الفَحم، والمراد أنهم قد اسودُّوا من الاحتراق في النار حتى صاروا مثل الفحم في سواده، والله أعلم.
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ١٩٤)، النهاية لابن الأثير (١/ ٤٤٤).
(١٢) كذا في الأصل -وعليها ضبة- و (م)، وفي (ك) صورتها: "أنوار" وتحتمل أن تكون كما في الأصل، وكانت في (ط): "أنهار" فضُرب عليها وأصلحت في الهامش كما يظهر، والهامش غير واضح، وفي صحيح مسلم: "أفواه".
قال النووي: "جمع فُوَّهة بضم الفاء وتشديد الواو المفتوحة، وهو جمع سمع من العرب على غير قياس، وأفواه الأزقة والأنهار: أوائلها".
انظر: شرح مسلم للنووي (٣/ ٣٢).
(١٣) في (م): "ويقال".
(١٤) في (ط) و (ك): "تروها".
(١٥) وفي رواية آتية (ح ٥٢٧): "كأن رسول الله كان بالبادية"، وأطلقت الماشية على البادية لكونها أكثر ما توجد فيها، والماشية هي: المال من الإبل والغنم وكذلك البقر.
انظر: المصباح المنير للفيومي (ص: ٥٧٤).
(١٦) في (ط) و (ك): "قال: فينبتون".
(١٧) عبارة الثناء ليست في (ط) و (ك).
(١٨) عبارة الثناء ليست في (ط) و (ك).
(١٩) هذه الكلمة تصحفت في (م) إلى: "ولما فضل".
(٢٠) تقدم بعض هذا الحديث بهذا الإسناد برقم (٤٩٨) فانظر هناك الكلام على إسناده وبعض غريبه وتخريجه هناك.