للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٠٤٧٩ - حدثنا محمد بن عبيد الله بن المنادي، قال: حدثنا يونس ابن محمد، قال: حدثنا معتمر بن سليمان (١)، عن أبيه، عن رَقَبَة (٢)، عن أبي إسحاق الهمداني، عن سعيد بن جبير، قال: قيل لابن عباس: إن نوفا (٣) يزعم أن موسى الذي ذهب يلتمس العلم، ليس بموسى بني إسرائيل، قال: أسمعته يا سعيد؟ قلت: نعم، قال: كذب نوف، حدثنا أبي بن كعب، قال: سمعت رسول الله يقول: "بينما موسى في قومه يذكرهم بأيام الله، -وأيام الله: نعماؤه وبلاؤه- إذ قال: ما أعلم في الأرض رجلا هو خير مني، أو أعلم مني، قال: فأوحى الله تعالى

⦗٣٦٤⦘ إليه (٤): أني أعلم بالخير من هو، أو عند من هو، إن في الأرض رجلا هو أعلم منك، قال: يا رب، فدلني عليه، قال: فقيل له: تزود حوتا مالحا، فإنه حيث تفقد الحوت، [قال] (٥): فانطلق هو وفتاه حتى انتهيا إلى الصخرة، فغمي (٦) عليه، فانطلق وترك فتاه، فاضطرب الحوت في الماء، فجعل لا يلتئم عليه، وصار مثل الكوة، فقال فتاه: الآن يجيء نبيُّ الله فأخبره، قال: فنسي، فلما تجاوزا، قال لفتاه: آتنا غداءنا، لقد لقينا من سفرنا هذ انصبا، قال: ولم يصبهم نصب حتى تجاوزا، قال: فتذكر، فقال: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة، فإني نسيت الحوت، إلى قوله: في البحر عجبا؛ قال: ذلك ما كنا نبغي (٧)، فارتدا على آثارها قصصا، فأراه مكان الحوت، قال: هاهنا وصف لي، قال: فذهب يلتمس، فإذا هو بالخضر مسجى ثوبا، مستلقيا على القفا، أو على حلاوة القفا، فقال: السلام عليك (٨)، فكشف الثوب

⦗٣٦٥⦘ عن وجهه، قال: وعليكم السلام، من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: من موسى؟ قال: موسى بني إسرائيل. قال: يا أخي، ما جاء بك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قال: إنك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا، شيئا أمرت به (٩) إذا رأيته لم تصبر، قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، قال: فإن اتبعتني، فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها، قال: انتحى (١٠) عليها، قال له موسى: أخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا، قال: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قالا: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا لقيا غلمانا يلعبون، قال: فانطلق إلى أحدهم بادي الرأي فقتله، فذعر عندها موسى ذعرة منكرة، قال: أقتلت نفسا

⦗٣٦٦⦘ زكية بغير نفس، لقد جئت شيئًا نكرا، قال رسول الله عند هذا المكان: رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل لرأى العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة، قال: إن سألتك عن شيء بعدها، فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، ولو صبر رأى العجب -كان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه: رحمة الله علينا وعلى أخي، رحمة الله علينا- فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية (١١) لئاما، فطافا في المجالس فاستطعما [أهلها] (١٢)، فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض، فأقامه، قال: لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال: هذا فراق بيني وبينك، فأخذ بثوبه، قال: سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها؛ وكان وراءهم ملك (١٣) يأخذ كل سفينة غصبا، فإذا جاء الذي

⦗٣٦٧⦘ يَسْخَرُها (١٤)، وجدها منخرقة، فتجاوزها، فأصلحوها بخشبة، فعملوا بها، وأما الغلام (١٥) فطبع يوم طبع كافرا، وكان أبواه (١٦) قد عطفا عليه، فلو أنه أدرك، لرهقهما (١٧) طُغيانا وكفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة،

⦗٣٦٨⦘ وأقرب رحما، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحته كنز لهما، وكان أبوهما صالحا، فأراد ربك أن يبلغا أشدهما، ويستخرجا كنزهما (١٨).


(١) معتمر بن سليمان هو موضع الالتقاء.
(٢) رقبة هو بفتح الراء، والقاف، والباء المعجمة بواحدة، مفتوحتان، مخففتان أيضا. وهو رقبة بن مصقلة، ويقال: ابن مسقلة العبدي، أبو عبد الله الكوفي، تهذيب الكمال (٩/ ١٩ / ترجمة ١٩١٣)، انظر: الإكمال (٤/ ٨٧)، والتوضيح (٤/ ٢١٩).
(٣) نوف هو بفتح النون، وسكون الواو، بعدها فاء. انظر: الإكمال (١/ ٥٦٩)، والفتح (٨/ ٤١٢). وهو نوف بن فضالة، الحميري، البكالي، تابعي من أهل دمشق، فاضل، عالم، لا سيما بالإسرائيليات، وهو ابن امرأة كعب الأحبار.
انظر: تهذيب الكمال (٣٠/ ٦٥، ٦٦/ ترجمة ٦٤٩٨)، وفتح الباري (١/ ٢١٩).
(٤) كلمة (إليه) ساقطة من نسخة (ل).
(٥) من نسخة (ل) وصحيح مسلم.
(٦) في نسختي (ل)، (هـ)، وصحيح مسلم مهملة العين، قال النووي: وقع في بعض الأصول بفتح العين المهملة وكسر الميم، وفي بعضها بضم العين وتشديد الميم، وفي بعضها بالغين المعجمة. اهـ. شرح النووي (١٥/ ١٣٩).
(٧) في نسخة (ل): (نبغ).
(٨) في نسخة (ل) زيادة: (إني سؤل). هكذا ظهرت لي، وهذه الزيادة لم أجدها في =
⦗٣٦٥⦘ = الصحيحين. ويمكن أن تقرأ: (يا رسول)، والله أعلم.
(٩) في نسختي (ل)، (هـ)، زيادة، ولفظها: (أن تعلم)، وعليها ضبة، وفي صحيح مسلم: (أن أفعله)، وهو صواب. والله أعلم.
(١٠) كلمة (انتحى) ضبب عليها في الأصل، وفي الحاشية: (صوابه: أنحى). و (انتحى) و (أنحى) كلاهما صحيح، ومعناه: اعتمد على السفينة وقصد خرقها. يقال: نحا وأنحى، وانتحى.
انظر: غريب الحديث للحربي (١/ ٤١٠)، والفائق (٣/ ٣١٢)، والنهاية (٥/ ٣٠)، وشرح النووي (١٥/ ١٤٠).
(١١) اختلف في هذه القرية، فقيل: هي أنطاكية، وقيل: الأبلة، وقيل: أذربيجان، وقيل: برقة، وقيل: ناصرة، وقيل: جزيرة الأندلس.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا الاختلاف قريب من الاختلاف في المراد بمجمع البحرين، وشدة المباينة في ذلك، تقتضي أن لا يوثق بشيء من ذلك. اهـ.
الفتح (٨/ ٤٢٠).
(١٢) هذه الزيادة أثبتها من صحيح مسلم، لأن السياق يقتضيها.
(١٣) في صحيح البخاري: (يزعمون أنه: هدد بن بدد) قال الحافظ: قائل ذلك هو: ابن جريج، وعزاه ابن خالويه -في كتاب (ليس) - إلى مجاهد. و (هدد) -في الروايات- =
⦗٣٦٧⦘ = بضم الهاء، وحكى ابن الأثير: فتحها، والدال مفتوحة اتفاقا، ووقع عند ابن مردويه بالميم، بدل الهاء. وأبوه (بدد) بفتح الموحدة. اهـ. الفتح (٨/ ٤٢٠).
(١٤) شكلتها من صحيح مسلم، وفي نسخة (ل) كأنها: (يتسخرها).
وفي لسان العرب: سخره: كلفه ما لا يريد، وقهره، وكل مقهور مدبر لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر، فذلك مسخر … ، وسخرت السفينة: أصاعت وجرت وطاب لها السير. (٣/ ١٩٦٣ /مادة سخر).
(١٥) في صحيح البخاري: (الغلام المقتول اسمه -يزعمون-: جيسور).
قال ابن حجر: (قائل ذلك هو: ابن جريج). ثم ذكر اختلاف الروايات في ضبطه، ففي بعضها: بفتح المهملة أوله، ثم تحتانية ساكنة، ثم مهملة مضمومة. وفي بعضها: بحيم أوله، وفي بعضها: بنون بدل التحتانية، وفي بعضها: بنون بدل الراء، … الخ. ثم قال: وفي (تفسير الضحاك بن مزاحم): اسمه: حشرد. ووقع في تفسير الكلبي: اسم الغلام: شمعون. اهـ. الفتح (٨/ ٤٢٠).
(١٦) قال ابن حجر: وفي (المبتدأ) لوهب بن منبه: كان اسم أبيه: (ملامس)، واسم أمه: (رحما). وقيل: اسم أبيه: (كاردي)، واسم أمه: (سهوى). الفتح (٨/ ٤٢١).
(١٧) يقال: رهقه -بالكسر- يرهقه رهقا: أي غشيه. وأرهقه: أي: أغشاه إياه. وأرهقني فلان إثما حتى رهقته: أي: حملني إثما حتى حملته له. النهاية (٢/ ٢٨٣)، وانظر: مقاييس اللغة (٢/ ٤٥١)، والمجموع المغيث (١/ ٨٣٠).
(١٨) تقدم تخريجه، انظر الحديث رقم (١٠٤٧٦)، وهذا الطريق عند مسلم برقم (١٧١) و (١٧٢).