للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٠٩٢٦ - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري (١)، حدثنا (٢) أبي (٣)، وشعيب (٤) بن الليث، عن الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة، أن رسول الله قال: "اهج قريشًا، فإنَّه أشد عليهم من رشق (٥) النبل" فأرسل إلى ابن رواحة فقال:

⦗١٣٠⦘ "اهجهم" [فهجاهم] (٦)، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه حسان، قال: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه (٧)، قال: ثم أدلع (٨) لسانه، فجعل يُحرّكه، فقال: والذي بعثك بِالحق لأفرينهم (٩) بلساني فري الأديم (١٠)، فقال رسول الله : "لا تعجل فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا، حتى يخلص نسبي" فأتاه حسان، ثم رجع، فقال: يا رسول الله! قد خلصت نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين.

فقالت عائشة: سمعت رسول الله يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ﷿، ورسوله ".

وقالت: سمعت رسول الله يقول: "هجاهم حسان، فشفا

⦗١٣١⦘ واشتفى" فقال حسان:

هجوتَ محمدًا فأجبت عنه … وعند الله في ذاك الجزاء

هجوتَ محمدًا برا حنيفًا … رسول الله شيمته الوفاء

فإن أبي ووالده وعرضي … لعرض محمد منكم وقاء

ثكلت بنيتي إن لم تروها … تثير النقع (١١) من كنفي كداء (١٢)

تنازعنا الأعنة (١٣) مصعدات … على أكتافها الأسل (١٤) الظماء (١٥)

تظل جيادنا متمطرات (١٦) … تلطمهن بالخمر النساء (١٧)

فإن أعرضتم عنا اعتمرنا … وكان الفتح وانكشف الغطاء

وإلا فاصبروا لضراب يوم … يعز الله فيه من يشاء

وقال الله قد أرسلت عبدًا … يقول الحق ليس به خفاء

وقال الله قد يسرت جندًا … هم الأنصار عرضتها اللقاء

⦗١٣٢⦘ نلاقي كل يوم من مَعَدٍّ … سبابًا أو قتالًا أو هجاء

فمن يهجو رسول الله منكم … ويمدحه وينصره سواء

وجبريل رسول الله فينا … وروح القدس ليس له كفاء (١٨) (١٩)


(١) ابن أعين بن ليث، أبو عبد الله المصري الفقيه.
(٢) في (ك) "أخبرنا".
(٣) هو عبد الله بن عبد الحكم، أبو محمد الفقيه المالكي.
(٤) موضع الالتقاء هو: شعيب بن الليث.
(٥) بالفتح: وهي السهام إذا رميت عديدة واحدة، لا يتقدم شيء منها على الآخر.
غريب الحديث والأثر لابن الجوزي (١/ ٣٩٥)، المشارق (١/ ٣٠٠).
(٦) زيادة من (ك).
(٧) قال العلماء: المراد بذنبه هنا: لسانه، فشبه نفسه بالأسد في انتقامه وبطشه إذا اغتاظ، وحينئذ يضرب بذنبه جنبيه اهـ. شرح صحيح مسلم للنووي (١٦/ ٧٢).
(٨) أي: أخرجه. غريب الحديث والأثر لابن الجوزي (١/ ٣٤٥)، المشارق (١/ ٢٥٧).
(٩) أي: لأقطعن أعراضهم تقطيع الأديم، وتشقيقه.
غريب الحديث لابن الجوزي (٢/ ١٩١)، المشارق (٢/ ١٥٤).
(١٠) بكسر الدال: وهو الجلد. المشارق (١/ ٢٤).
(١١) هو الغبار. المشارق (٢/ ٢٤).
(١٢) بفتح الكاف والمد: ثنية بأعلى مكة، عند المحصب.
مراصد الإطلاع (٣/ ١١٥١)، شرح صحيح مسلم للنووي (١٦/ ٧٤).
(١٣) جمع عنان، وهو: الفرس. الصحاح (٦/ ٢١٦٦).
(١٤) الرماح الطوال. النهاية (١/ ٤٩)، اللسان (١١/ ١٥).
(١٥) أي: الرقاق، ويفهم هذا من قول العرب للفرس: إن فصوصه لَظِماء، أي: ليست برهلة كثيرة اللحم. الصحاح (١/ ٦١)، شرح صحيح مسلم (١٦/ ٧٥).
(١٦) أي: مسرعات. الصحاح (٢/ ٨١٨).
(١٧) (ك ٥/ ١٨٢/ أ).
(١٨) أي: مماثل ومساوٍ. الصحاح (١/ ٦٨)، شرح صحيح مسلم (١٦/ ٧٥).
(١٩) أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب فضائل الصحابة -باب فضائل حسان بن ثابت ٤/ ١٩٣٥، رقم ١٥٧). وانظر: تخريج القصيدة في ديوان حسان (١/ ١٧)، وانظر: ما كتبه المحقق حول اختلاف الروايات في القصيدة.