للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١١٠٨٣ - حدثنا الصغاني، حدثنا أبو النضر (١)، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر قال: كان محدث (٢) بالكوفة يحدثنا، وإذا فرغ من حديثه قال: تفرقوا، ويبقى رهط منهم، فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم بكلامه (٣)، فأحببته، وفقدته، فقلت لأصحابي: هل تعرفون رجلًا كان يجالسنا كذا وكذا، فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه ذاك أويس القرني، قلت: فتعلم منزله؟ قال: نعم، فانطلقت معه حتى ضربت حجرته، فخرج إلي، فقلت: يا أخي ما حبسك عنا؟ قال: العري، وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه، قال: قلت خذ هذا البرد. فالبسه، قال: لا تفعل، فإنهم إذا يؤذونني (٤) إذا رأوه علي، قال: فلم أزل به حتى لبس، فخرج عليهم، فقالوا (٥): من ترون

⦗٢٦٣⦘ خلع عن برده هذا، قال: فجاء فوضعه، قال: أترى، قال أسير: فأتيت المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل، قد آذيتموه، الرجل يعرى مرة ويكتسي مرة، قال: فأخذتهم بلساني أخذا شديدا.

قال: فقضى أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر، فوفد رجل ممن كان يسخر به، فقال عمر (٦): هل ههنا أحد من القرنيين؟ قال: فجاء ذلك الرجل، فقال: إن رسول الله قد قال: "إن رجلًا يأتيكم من اليمن يقال له: أويس، لا يدع باليمن غير أم له وقد (٧) كان به بياض، فدعا الله فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم"، قال: فقدم علينا، قال: قلت: من أين أنت؟ قال: من اليمن، قلت: ما اسمك؟ قال: أويس، قلت فمن تركت باليمن؟ قال: أمًا، قال: أكان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك؟ قال نعم، قلت: استغفر لي، قال: أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين؟ قال: فاستغفر له، قال: قلت له: أنت أخي لا تفارقني، قال فأملس (٨) مني، قال: فأنبئت أنَّه قدم عليكم الكوفة، قال: فجعل ذلك الذي كان يسخر به يحقره، قال: يقول: ما هذا فينا ولا نعرفه، قال عمر: بلى إنه رجل كذا وكذا، كأنه يضع شأنه، قال: فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال

⦗٢٦٤⦘ له: أويس. نسخر به، قال: فأدركه، وما أراك تدركه، قال: فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله، فقال له أويس: ما هذا بعادتك، فما بدا لك؟ قال سمعت عمر يقول فيك كذا وكذا فاستغفر لي يا أويس، قال: لا أفعل حتى تجعل لي عليك ألا تسخر بي، ولا تذكر الذي سمعته من عمر لأحد، قال: فاستغفر له (٩).


(١) هو: الهاشم بن القاسم، وهو موضع الالتقاء.
(٢) جاء في (ك): "محدثنا".
(٣) جاء في بعض الروايات عن أسير بن جابر: أن أويسا القرني كان إذا حدث وقع حديثه من قلوبنا موقعا لا يقع لحديث غيره.
أخرجه الحسن بن موسى الأشيب عن حماد بن سلمة به. (جزء الحسن الأشيب ٦٦، رقم (٤٢).
(٤) في (ك): "يؤذونني".
(٥) جاء في (ك): "قال".
(٦) (ك ٥/ ١٩٩ / ب).
(٧) في (ك): "قد".
(٨) أملس: أي اختفى بسرعة. الصحاح (٣/ ٩٨٠)، الفائق (٣/ ٣٨٥).
(٩) إسناد هذا الحديث عند مسلم، وقد تقدم في الحديث السابق (١١٠٨١)، ولكن هذا اللفظ بتمام القصة ليس هو عند مسلم، وساق هذه الرواية بتمامها الإمام الذهبي في السير (٢/ ٢٢)، ورمز لها بـ "م" أي أنها عند مسلم، وليست بتمامها عند مسلم كما تقدم -والله أعلم-.
والصواب أن تمام القصة من طريق أبي النضر تفرد بها أبو عوانة، وأوردها مسلم مختصرة.