للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١١١٢٠ - حدثنا عمار بن رجاء، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي (١) قال: سمعت محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ح

وحدثنا الصغاني، وأبو أمية، قالا: حدثنا الحسين بن محمد المروروذي، حدثنا جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم ، وصبي في زمان جريج، وصبي آخر، فأما عيسى فقد عرفتموه، وأما جريج فكان رجلا عابدا في بني إسرائيل، وكانت له أم، فكان يوما يصلي، إذ اشتاقت إليه أمه، فقالت: يا جريج! فقال: يا رب (٢) الصلاة خير أم آتيها، ثم صلى، ودعته فقال مثل ذلك، ثم صلى ودعته، فقال: مثل ذلك، وصلى (٣) فاشتد على أمه، فقالت: اللهم أَرِ جريجا المومسات (٤)، وكانت زانية في بني إسرائيل، قالت لهم:

⦗٢٩٨⦘ أنا أفتن جريجا حتى يزني، فأتته فاجتهدت فلم تقدر على شيء.

وكان راع (٥) بالليل يأوي (٦) إلى أصل صومعته، فلما أعياها أرادت الراعي على نفسها، فأتاها، فولدت، ثم إنها قالت: ولدي هذا من جريج، فأتاه بنو إسرائيل، وكسروا صومعته (٧) وشتموه.

⦗٢٩٩⦘ قال الحسين: ووبخوه، مكان شتموه.

فقال: انظروني ساعة، ثم صلى ودعا، ثم نخس (٨) الغلام.

قال محمد: قال أبو هريرة: كأني أنظر إلى النبي حين قال: بيده: يا غلام من أبوك؟ فقال: الراعي.

فندموا على ما كان منهم، واعتذروا إليه، وقالوا: نبني صومعتك من ذهب، أو قال: من فضة، فأبى عليهم، وبناها كما كانت.

وأما الصبي الآخر: فإن امرأة كان معها صبي لها ترضعه، إذ مر بها شاب جميل ذو شارة (٩)، فقالت: اللهم اجعل ابني هذا مثل هذا، فقال الصبي: اللهم لا تجعلني مثله.

قال محمد: قال أبو هريرة: كأني أنظر إلى النبي حين كان يحكي الغلام وهو يرضع، ثم مر بها أيضًا امرأة ذكروا أنها سرقت وزنت، قد عوقبت، فقالت: الله لا تجعل ابني مثل هذه، فقال: اللهم اجعلني مثلها، فقالت أمه: حلقى" (١٠).

قال جرير: فوالله ما علمت ما حلقى.

قال: لأنها قيل لها زنت ولم تزن، وقيل: سرقت ولم تسرق، وهي

⦗٣٠٠⦘ تقول: حسبي الله (١١).

وهذا لفظ الحسين بن محمد، ولفظ وهب بن جرير قريب بمعناه.


(١) هو جرير بن حازم، وهو موضع الالتقاء.
(٢) هكذا في (ك)، وجاء في صحيح مسلملم "يا رب أمي، وصلاتي"، وجاء في الأصل: "ترى".
(٣) (ك ٥/ ٢٠٤/ أ).
(٤) بضم الميم الأولى وكسر الثانية: أي الزواني البغايا. =
⦗٢٩٨⦘ = شرح صحيح مسلم للنووي (١٦/ ١٥٩)، عمدة القاري (٦/ ٣١١)، لسان العرب (٦/ ٢٢٤).
قال ابن بطال: "سبب دعاء أم جريج على ولدها: أن الكلام في الصلاة كان في شرعهم مباحا، فلما آثر استمراره في صلاته ومناجاته على إجابتها دعت عليه لتأخره في حقها" إهـ وأما في شريعتنا فقد نسخ هذا الحكم، فأصبح الكلام في الصلاة من مبطلاتها، كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه، ولكن العلماء يستحبون أن يخفف صلاته ليجيب أبويه.
وقد قرر جماعة من أئمة السلف أن بر الوالدين وطاعتهما أفضل من جميع النوافل، روي هذا عن الحسن، وعطاء ومالك وغيرهم.
وقد استدل القرطبي بقوله تعالى: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢)﴾ [مريم: ٣١، ٣٢] على أن الصلاة والزكاة وبر الوالدين كان واجبا على الأمم السالفة والقرون الخالية الماضية. إهـ
انظر: البر والصلة لابن الجوزي، (ص ٦٧)، الجامع لأحكام القرآن (١١/ ٣٠٣، ٣٠٤)، فتح الباري (٣/ ٩٤)، عمدة القاري (٦/ ٣١٢).
(٥) قال ابن حجر: "ولم أقف على اسم الراعي، ويقال: إن اسمه صهيب" الفتح (٦/ ٥٥٥) المستفاد لابن العراقي (٣/ ١٧٥١، رقم ٧١٩).
(٦) في (ك): "وكان راعي يأوي بالليل".
(٧) بفتح الميم هو: منار الراهب ومتعبده. المشارق (٢/ ٤٦).
(٨) أي: طعنه بيده. المشارق (٢/ ٧).
(٩) الشارة: اللباس والهيئة. الصحاح (٢/ ٧٠٤).
(١٠) أي: أصابها الله بوجع في حلقها. الصحاح (٤/ ١٤٦٤)، النهاية (١/ ٤٢٨).
(١١) أخرجه مسلم في صحيحه (البر والصلة -باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها -٤/ ١٩٧٦، رقم ٨).
وأخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء -باب ﴿وَاذْكُرْ في الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾ الآية -٣/ ١٢٦٨، رقم (٣٢٥٣) من طريق مسلم بن إبراهيم عن جرير به.
فائدة الاستخراج: جاء عند مسلم أن أم جريج كانت تتردد عليه في ثلاثة أيام … وعند المصنف أنه كان يصلى ثم دعته، ثم صلى ودعته.