للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٩٨ - ز-[حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدّثنا سفيان (١)، عن منصور (٢) عن إبراهيم التَّيْمي (٣)، عن عمرو بن ميمون (٤)، عن أبي عبد الله الجَدَلي (٥)، عن خزيمة بن ثابت، عن النّبيّ في المسح على الخفَّين،

⦗٥٥٠⦘ ثمّ ذكر مثله] (٦).


(١) هو ابن عيينة، ويونس بن عبد الأعلى لا يروي عن الثّوريّ، وقد رواه الإمام أحمد أيضًا عن ابن عيينة، والحديث رواه سفيان الثّوريّ أيضًا عن أبيه، عن إبراهيم كما سيأتي في التخريج.
(٢) ابن المعتمر بن عبد الله السُّلَمي، أبو عتاب الكوفي.
(٣) إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي -تيم الرَّباب-، أبو أسماء الكوفي.
(٤) الأودي المَذْحِجي.
(٥) الجَدَلي: بفتح الجيم، والدال، نسبة إلى جَدِيلة من الأنصار من الخزرج، ونسبة إلى بني جَديلة بطن من قيس عيلان، قاله السمعاني، واستدرك عليه ابن الأثير: جَديلة طيء، ولم يظهر لي نسبة هذا الراوي هنا إلى أيِّهم.
وأبو عبد الله الجدلي كوفي، اسمه: عبد بن عبد، وقيل: عبد الرّحمن بن عبد. =
⦗٥٥٠⦘ = وثقه ابن معين، والإمام أحمد، والعجلي، وذكره ابن حبّان في الثقات.
قال عنه ابن سعد: "يستضعف في حديثه"، وقال الجوزجاني: "صاحب راية المختار"، وقال ابن حزم: "هو صاحب راية الكافر المختار، ولا يعتمد على روايته".
عقَّب ابن القيم رحمه الله تعالى على قول ابن حزمٍ قائلًا: "هذا تعليل في غاية الفساد؛ فإن أبا عبد الله الجدلي قد وثقه الأئمة: أحمد، ويحيى، وصحَّح التّرمذيّ حديثه، ولا يعلم من أئمة الحديث طعن فيه، وأما كونه صاحب راية المختار، فإن المختار بن أبي عبيد الثقفي إنّما أظهر الخروج للأخذ بثأر الحسين بن علي ، والانتصار له من قتلته، وقد طعن أبو محمّد ابن حزم في أبي الطفيل، وردَّ روايته بكونه كان صاحب راية المختار أيضًا، مع أن أبا الطفيل كان من الصّحابة، ولكن لم يكونوا يعلمون ما في نفس المختار وما يسره، فردُّ رواية الصاحب والتابع الثقة بذلك باطل"، وبنحو هذا أجاب ابن حجر في "التهذيب".
وقال في التقريب: "ثقة، رمي بالتشيُّع".
ووثقه الذهبي في الكاشف، وقال في الميزان: "شيعي بغيض".
فهو ثقةٌ في حديثه، شيعي المعتقد، ونفى البخاريّ سماعه من خزيمة بن ثابت، وسيأتي الكلام عليه في تخريج الحديث إن شاء الله تعالى.
انظر: الطبقات لابن سعد (٦/ ٢٨)، أحوال الرجال للجوزجاني (ص: ٤٣)، الثقات للعجلي (٤١٣)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٦/ ٩٣)، الثقات لابن حبّان (٥/ ١٠٢)، المحلى لابن حزم (٨٩)، الأنساب للسمعاني (٣/ ٢٠٣)، ترتيب علل التّرمذيّ الكبير لأبي طالب القاضي (١/ ١٧٣)، تهذيب الكمال للمزي (٣٤/ ٢٤)، الكاشف (٤٣٩)، وميزان الاعتدال للذهبي (٤/ ٥٤٤)، تهذيب سنن أبي داود لابن القيم (١/ ١١٧)، تهذيب التهذيب (١١٣٣)، والتقريب لابن حجر (٨٢٠٧).
(٦) ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك)، وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الإسناد لأبي عوانة =
⦗٥٥١⦘ = في إتحاف المهرة (٤/ ٤٣٣).
والحديث لم يخرجه مسلم، فهو من زوائد المصنِّف عليه، ولم ينبِّه المصنِّف إلى أنه من الزوائد كعادته.
وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند (٥/ ٢١٣) عن سفيان بن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم التيمي.
وأخرجه أيضًا (٥/ ٢١٣) عن أبي عبد الصمد العمي، عن منصور، عن إبراهيم التيمي به.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٨١) عن يونس بن عبد الأعلى -شيخ المصنِّف- عنْ ابن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم التيمي به.
وقد اختُلِف في إسناد هذا الحديث على عدَّة أوجه على النحو التالي:
أوَّلًا: رواه سفيان بن عيينة، وأبو عبد الصمد العمِّي كلاهما عن منصور، عن إبراهيم التيمي على الوجه الذي ساقه الإمام أحمد، والمصنِّف، والطحاوي كما سبق.
وأخرجه التّرمذيّ في السنن -كتاب الطّهارة- باب المسح على الخفَّين للمسافر والمقيم (١/ ١٥٨ ح ٩٥) عن قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن سعيد بن مسروق الثّوريّ، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة به.
وخالف الترمذيَّ: محمّد بن عبد الله بن الجنيد -شيخ ابن حبّان- فرواه عن قتيبة، عن أبي عوانة، عن سعيد بن مسروق الثّوريّ به، غير أنه لم يذكر عمرو بن ميمون في الإسناد!
أخرجه ابن حبّان في صحيحه (٣١١) عن ابن الجنيد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١/ ١٧٧)، وابن حبّان في صحيحه (٣١١) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، =
⦗٥٥٢⦘ = عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة به، فهذه الطريق موافقة لرواية منصور الّتي عند المصنِّف.
ثانيًا: أخرجه ابن ماجه في سننه -كتاب الطّهارة -باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر (١/ ١٨٤ ح ٥٥٣) من طريق وكيع، عن سفيان الثّوريّ، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت به، وأسقط من الإسناد أبا عبد الله الجدلي!
ثالثًا: رواه أبو داود في سننه -كتاب الطّهارة -باب التوقيت في المسح (١/ ٤٠ ح ١٥٧).
والإمام أحمد في المسند (٥/ ٢١٣)، وابن الجارود في المنتقى (ص: ٣٢) من طرق عن شعبة عن الحكم، وحماد كلاهما عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة به بدون ذكر عمرو بن ميمون، وإبراهيم في هذا الإسناد هو: النخعي وليس التيمي كما سيأتي بيانه من كلام أبي زرعة الرازي.
وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير (١٣٧) من طريق شعبة، عن الحكم، وحماد، ومغيرة ومنصور، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة به.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (٥/ ٢١٣)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (١/ ١٧٧) عن إسماعيل بن عليَّة، عن هشام الدَّستوائي، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي به.
وكذلك أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (١٥٠) من طريق مسعر بن كدام، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي أيضًا.
رابعًا: وهو وجهٌ آخر لشعبة، أخرجه ابن ماجه في سننه -كتاب الطّهارة -باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر (١/ ١٨٤ ح ٥٥٤) عن محمّد بن بشار، عن محمّد بن جعفر عن شعبة، عن سلمة بن كُهيلٍ، عن إبراهيم التيمي، عن =
⦗٥٥٣⦘ = الحارث بن سُوَيْد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت به.
فأدخل بين إبراهيم التيمي وعمرو بن ميمون: الحارث بن سُوَيْد، وأسقط: أبا عبد الله الجدلي.
فهذه هي مجمل طرق هذا الحديث، وهي ظاهرة الاضطراب، وقد سئل عنها الحافظان أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، فقال أبو زرعة: "الصّحيح من حديث إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، عن النَّبي ، والصّحيح من حديث النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، بلا عمرو بن ميمون".
وقال أبو حاتم: "عن منصور مختلفٌ، جرير الضبي وأبو عبد الصمد يحدثان به يقولان: عن ابن التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، وأبو الأحوص يحدِّث به لا يقول فيه عمرو بن ميمون".
فأبو حاتم رحمه الله تعالى ذكر الاختلاف فيه على إبراهيم التيمي، ولم يرجِّح شيئًا.
وأبي أبو زرعة رحمه الله تعالى فإنّه يصحِّح -من هذه الروايات المختلفة عن إبراهيم التيمي- رواية من رواه عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، عن النبي ، ويصحِّح -من الروايات المختلفة عن النخعي- رواية من رواه عن النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بدون ذكر عمرو بن ميمون.
والحديث معلولٌ من كلا الطريقين: طريق التيمي، وطريق النخعي:
أما طريق إبراهيم التيمي فقد قال البخاري رحمه الله تعالى: "لا يصحُّ عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح؛ لأنه لا يُعرف لأبي عبد الله الجَدلي سماعٌ من خزيمة بن ثابت".
وأمّا طريق إبراهيم النخعي فقال شعبة: "لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي حديث خزيمة بن ثابت في المسح"، وكذا قال أبو داود. =
⦗٥٥٤⦘ = وقد اختلف العلماء في الحكم على هذا الحديث، فمقتضى كلام البخاريّ أنه ضعَّفه وأعلَّه بالانقطاع، وقال البيهقي: "إسناده مضطرب"، وقال النووى: "حديث خزيمة ضعيفٌ بالاتفاق، وضعفه من وجهين، أحدهما: أنه مضطربٌ، والثّاني: أنه منقطعٌ".
وذهب إلى تصحيح الحديث: التّرمذيّ فإنّه قال عقب إخراجه الحديث: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيح"، ونقل تصحيحه أيضًا عن ابن معين، غير أنه نقله بصيغة التّمريض فقال: "وذُكِر عن يحيى بن معين أنه صحَّح حديث خزيمة بن ثابت في المسح".
وصحَّحه ابن حبّان أيضًا بإخراجه في الصّحيح كما سبق تخريجه منه، وصحَّحه ابن القيم، والشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه، والله أعلم.
انظر: سنن الترمذي (١/ ١٥٨)، علل الحديث (١/ ٢٢)، والمراسيل لابن أبي حاتم (ص: ١٧)، معرفة السنن والآثار للبيهقي (١١٩)، ترتيب علل التّرمذيّ الكبير لأبي طالب القاضي (١/ ١٧٣)، المجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٤٨٥)، تهذيب الكمال للمزي (٣٤/ ٢٦)، تهذيب سنن أبي داود لابن القيم (١/ ١١٧)، صحيح ابن ماجه للألباني (١/ ٩٠).