للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١١٩٦٨ - حدثنا محمد بن عوف، وأبو الجَمَاهر (١) الحمصيان، ويزيد بن عبد الصمد الدمشقي، وعبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي (٢)، وأبو الخصيب المستنير المصيصي (٣)، قالوا: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: سمعت النبي يقول: "انطلق ثلاثة رهط (٤) ممن كان قبلكم، فآواهم المبيت إلى

⦗٧٠⦘

غار (٥)، فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه -والله- لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت لا أغْبِق (٦) قبلهما أهلًا ولا مالًا (٧)، فنأى بي (٨) طلب الشجر يومًا، فلم أُرِح (٩) عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غَبْوقَهما، فجئتهما به، فوجدتهما نائمين، فتحرجت أن أوقظهما، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلًا ومالاً، فقمت -والقدح على يدي- أنتظر استيقاظهما حتى بَرَقَ (١٠) الفجر، فاستيقظا، فشربا غَبُوقَهما، اللهم إنْ كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فأَفْرِج عنَّا ما نحن فيه من هذه الصخْرة، فانفرجت انفراجًا لا يستطيعون الخروج منه". قال رسول الله : "وقال الآخر: اللهم

⦗٧١⦘

كانت لي بنت عَمٍّ، كانت أحبَّ الناس إلي، فأردتها عن نفسها، فامتنعت مني حتى ألَمَّت بها (١١) سنة من السنين، فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومائة دينارٍ على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها، قالت: لا أحل لك أن تفُضَّ (١٢) الخاتم (١٣) إلا بحقه (١٤)، فتحَرَّجْت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فأَفْرِج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها"، قال رسول الله : "ثم قال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء، فأعطيتهم أجورهم، غير رجل واحد منهم، ترك الذي له وذهب، فثَمَّرْت (١٥) أجره حتى كثرت منه الأموال، ونمت [*]، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أدِّ إلي أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، هو [**] لك، فقال: يا عبد الله! لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ، فأخذ ذلك كله، فاستاقه، فلم يترك منه شيئا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فأَفْرج عنا ما نحن

⦗٧٢⦘

فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا من الغار يمشون" (١٦).


(١) محمد بن عبد الرحمن الحمصي.
(٢) ابن زياد أبو يحيى القطان البغدادي.
والديرعاقولي: بفتح الدال المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وبعدها الراء، ثم العين المهملة، وفيها قاف بعد الألف. نسبة إلى قرية كبيرة على عشرة فراسخ أو خمسة عشر فرسخا من بغداد. وما تزال تعرف بهذا الاسم إلى الآن.
انظر: الأنساب للسمعاني (٥/ ٣٩٥)، بلدان الخلافة الشرقية (ص: ٥٤).
(٣) تقدم عند المؤلف (١٠١٠، ٥٩٩٨) ونسبه في ثانيهما بالكفرتي، وترجم له ابن العديم في "بغية الطلب" (١٠/ ٤٤٣٢) باسم (أبو الخصيب بن المستنير المصيصي)، وقال: "اسمه محمد وقيل أحمد غلبت كنيته على اسمه، … روى عنه ابنه أحمد بن محمد بن المستنير، وأبو عوانة الإسفراييني"، ولم أقف فيه على جرح أو تعديل.
(٤) الرهط: ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة، انظر: مختار الصحاح (ص ٢٥٩).
وقال الحافط ابن حجر: "لم أقف على اسم واحد منهم، وفي حديث عقبة بن عامر=

⦗٧٠⦘
= عند الطبراني في الدعاء أن ثلاثة نفر من بني إسرائيل". انظر: فتح الباري (٦٥٨٥).
(٥) الغار: النقب في الجبل. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١٧/ ٧٧).
(٦) أي لا أسقي قبلهما أحدا عشاء، من الغبوق وهو شرب العشي، والعشاء إن كان لبنا.
انظر: غريب الحديث لابن سلام (١/ ٦١)، وللحربي (٢/ ٤١٣، ٥٧٧)، وللخطابي (١/ ٥٣٢)، معجم مقاييس اللغة لابن فارس (٤/ ٤١١)، فتح الباري (٤/ ٥٢٦).
(٧) المراد بالأهل ماله من زوج وولد، وبالمال: ماله من رقيق وخادم. انظر: فتح الباري (٤/ ٥٢٦).
(٨) أي أبعدني، من النأي، وهو البعد. انظر: معجم مقاييس اللغة (٥/ ٣٧٨)، فتح الباري (٤/ ٥٢٦).
(٩) بضم الهمزة كسر الراء: أي لم أعد لهما رواحا، والرواح من لدن زوال الشمس إلى الليل، رحنا رواحا؛ يعني السير والعمل بالعشي. انظر: العين (٣/ ٢٩١)، القاموس المحيط (ص: ٢٢١).
(١٠) بفتح الراء: أي اضاء. انظر: فتح الباري (٤/ ٥٢٦).
(١١) أي نزلت بها سنة جدب، وأصابتها فاقة. انظر: الصحاح (٥/ ٢٠٣٢).
(١٢) بالفاء المعجمة، أي لا تكسر، انظر: فتح الباري (٦/ ٥٨٨).
(١٣) كناية عن الفرج. انظر: المصدر السابق.
(١٤) أرادت به الحلال، أي لا أحل لك أن تقربني إلا بترويج صحيح. انظر: المصدر السابق.
(١٥) أي استثمرته، وعملت على نمائه انطر: القاموس (ص ٤٥٩).
(١٦) أخرجه مسلم في الصحيح (كتاب الرقاق، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال، ٤/ ٢١٠٠/ ١٠٠ - ٢٧٤٣) عن محمد بن سهل التميمي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبي بكر بن إسحاق؛ عن أبي اليمان، به نحوه.
أخرجه البخاري في الصحيح (كتاب الإجارة، باب من استأجر أجيرا فترك الأجير أجره، فعمل فيه المستأجر فزاد، أو من عمل في مال غيره، فاستفضل، ٣/ ٩١/ ٢٢٧٢) عن أبي اليمان، به.
وفيه من فوائد الاستخراج:
١ - المساواة، فقد ساوى المصنف فيه مسلما، فكأنه أخذه من شيوخ مسلم.
٢ - بيان المتن المحال به على المتن المحال عليه، فقد ساق مسلم متن رواية حديث نافع عن ابن عمر ، وأحال عليه حديث سالم هذا، فساق الحافظ أبو عوانة متن رواية سالم عن أبيه.