(٢) هكذا في "الأصل" و"م" بالتنكير، وفي "ك" و"ط" بالتعريف. (٣) القرء -بالفتح- يجمع على أقراء وقروء، وأقرئ في أدنى العدد، وهي من الأضداد، يقع على الحيض كما في هذا الحديث ويقع أيضا على الطهر، والأصل في القرء الوقت المعلوم، فلذلك وقع على الضدين لأن لكل منهما وقتًا. انظر: غريب الحديث ١/ ٢٨٠، والصحاح ١/ ٦٤، والنهاية ٤/ ٣٢. (٤) وقد أخرجه مسلم ﵀ عن محمد بن المثنى عن ابن عيينة به. انظر: صحيحه، كتاب الحيض باب المستحاضة وغسلها وصلاتها برقم ١/ ٢٦٤. = ⦗١٩٧⦘ = وقد وقع في رواية أبي عوانة ﵀ تمييز المتن المحال به على المتن المحال عليه، حيث إن الإمام مسلما ﵀ قال عقب سياق سنده بنحو حديثهم ويعد ذلك من فوائد الاستخراج. والأحاديث المحال عليها عند مسلم ﵀ فيها الأمر المطلق بالاغتسال، وقد اتفق الشيخان على إخراجها من طريق الزهري عن عروة وعمرة، عن عائشة ﵂ أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله ﷺ عن ذلك فأمرها أن تغتسل فقال: "هذا عرق" فكانت تغتسل لكل صلاة. انظر: صحيح البخاري برقم ٣٢٧، ١/ ٥٠٨، وصحيح مسلم برقم ٦٣ - ٦٤، ١/ ٢٦٣. وقد رواها عشرة من أعيان أصحاب الزهري عنه هكذا، وانفرد محمد بن إسحاق، وسليمان بن كثير عند أبي داود برقم ٢٩٢، فروياه عن الزهري عن عروة عن عائشة ﵂ به. فقالا: أمرها النبي ﷺ بالغسل لكل صلاة. وقد تكلم في روايتهما عن الزهري أساسًا، فتكون رواية الجماعة عن الزهري هي الراجحة وروايتهما عنه مرجوحة. وإنما الأمر بالاغتسال لكل صلاة معروف من حديث يزيد بن الهاد عن أبي بكر بن حزم عن عمرة عن عائشة ﵂ قالت: إن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وأنها استحيضت لا تطهر فذكر شأنّها لرسول الله ﷺ قال: "ليست بالحيضة ولكنها ركضة من الرحم، لتنظر قدر قرئها التي كانت تحيض لها فلتترك الصلاة، ثم تنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة". وقد أخرجه النسائي برقم ٣٥٤، ١/ ٢٠١، عن الربيع بن سليمان الجيزي عن إسحاق بن بكر بن مضر عن أبيه، عن يزيد بن الهاد به. وإسناده صحيح. وأخرجه المصنف ﵀ عن أبيه، عن أبي مروان، عن الدراوردي، عن يزيد بن = ⦗١٩٨⦘ = الهاد به. وإسناده حسن، وسيورده بعد ثلاثة أحاديث. وله شاهد أيضا ممّا أخرجه أبو داود بسند صحيح عن زينب بنت أم سلمة ﵂ برقم ٢٩٣، أن امرأة كانت تهراق الدم وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف أنّ رسول الله ﷺ أمرها أن تغتسل عند كل صلاة، وصححه الشيخ الألباني - حفظه الله - برقم ٢٧٧. وروى البيهقي عن الحكم عن أبي بكر الفقيه قال: قال بعض مشايخنا: خبر ابن الهاد غير محفوظ. ولكن قد أجاب ابن التركماني على ذلك بأجوبة مقنعة تثبت صحة هذا الخبر. وهذه تقوى رواية ابن إسحاق وسليمان بن كثير، وبذلك يكون أمر المستحاضة بالاغتسال لكل صلاة قد ثبت بسندين صحيحين. وبالجملة فإن أحاديث الباب تدور على أربعة أقسام: قسم فيه الأمر المطلق بالاغتسال، وقد اتفق الشيخان عليه كما سبق. وقسم فيه الأمر بالاغتسال لكل صلاة وقد ثبت بطريقين صحيحين كما تقدم أيضًا. وقسم فيه التخيير بين الاكتفاء بغسل واحد عقب مدة الحيض، والجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد، وكذلك المغرب والعشاء، والغسل لصلاة الفجر، وقد أخرجه أبو داود برقم ٢٨٧، من طريق زهير بن محمد، والترمذى برقم ١٢٨، من طريق زهير بن محمد أيضا. وابن ماجه برقم ٦٢٧ من طريق شريك بن عبد الله النخعي، والحكم ١/ ١٧٢ من طريق زهير وعبيد الله بن عمرو الرقى ثلاثتهم عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش ﵂ قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت رسول الله ﷺ أستفتيه … وفيه: "سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر وإن قويت عليهما فأنت أعلم" قال لها: "إن هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام = ⦗١٩٩⦘ = أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلى ثلاثًا وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر وتؤخري المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي وتغتسلين مع الفجر فافعلي … والحديث مداره على عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد تكلم فيه من قبل حفظه. قال الحافظ في التقريب: صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخرة من الرابعة مات بعد ١٤٠/ بخ د ت ق. وقال الإمام الذهبي في الكاشف: قال أبو حاتم وعدّة: لين الحديث. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به. وقال في المغني: حسن الحديث احتج به أحمد وإسحاق. وقال في الميزان: حديثه في مرتبة الحسن. وحسن الترمذي حديثه أحيانًا. وبقية رجاله ثقات، فالإسناد حسن إن شاء الله. وسئل أبو حاتم عن هذا الحديث فوهنه ولم يقوّ إسناده. وقال البيهقي: تفرد به ابن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به. لكن قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن صحيح، ونقل أيضا عن الإمام أحمد أنَّه قال: إنَّه حديث حسن صحيح، وحسّنه الشيخ الألباني وأحمد شكر. فيترجح تحسينه إن شاء الله تعالى. وقسم فيه الأمر بالغسل مرة واحدة بعد أيام الأقراء ثم الوضوء عند كل صلاة. = ⦗٢٠٠⦘ = وقد أخرجه البخاري برقم ٢٢٨، من طريق أبي معاوية، والنسائي ١/ ١٨٥ من طريق حماد بن زيد، والدارمي ١/ ١٩٩، من طريق حماد بن سلمة، وابن حبان برقم ١٣٥٤، ١٣٥٥ من طريق أبي حمزة السكري، وأبي عوانة خمستهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ﵂ أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، إنيّ أستحاض الشهر والشهرين. قال: "ليس ذاك بحيض ولكنه عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة عدد أيامك التي كنت تحيضين فيه، فإذا أدبرت فاغتسلي وتوضئي لكل صلاة". قال الطحاوي ﵀: حديث أم حبيبة منسوخ بحديث فاطمة بنت أبي حبيش لأن فيه الأمر بالوضوء لكل صلاة لا الغسل. اهـ. وأشار أيضًا إلى إمكان الجمع بينهما. وهو أولى لأن القول بالنسخ يحتاج إلى التنصيص أو معرفة المتقدم من المتأخر. وقال الحافظ ابن حجر ﵀: والجمع بين الحديثين بحمل الأمر في حديث أم حبيبة -بالاغتسال لكل صلاة- على الندب أولى واستحسن الشوكاني ﵀ هذا الجمع، وقال: إن قوله في الحديث أيهما فعلت أجزأ عنك قرينة دالة على عدم الوجوب. وقال: قال المصنف ﵀: فيه أن الغسل لكل صلاة لا يجب بل يجزئها الغسل لحيضها الذي تجلسه. اهـ. وهذه قرينة صالحة لصرف الأمر بالاغتسال لكل صلاة عن الوجوب إلى الاستحباب وبذلك تجتمع الأحاديث والله ﷾ أعلم. انظر: شرح معاني الآثار ١/ ٩٨، وعلل ابن أبي حاتم ١/ ٥١، والسنن الكبرى مع الجوهر النقي ١/ ٣٥١، ومختصر سنن أبي داود ١/ ١٨٨، ومعرفة السنن والآثار ١/ ٣٧٧، ونصب الراية ١/ ١٩٩، والتلخيص الحبير ١/ ٢٨٨، والفتح ١/ ٥٠٨، ونيل الأوطار ١/ ٢٨٤.