والإمام مسلم يورد أحاديث يستقل كل حديث منها بحجة، وإنما تكون المؤاخذة حيث يورد مسلم الحديث لبيان علته، فيستدل به لترجمة الباب استقلالا، لأن في ذلك إخلالا لقصد مسلم من إيراد الحديث، ولم نقف في القسم المخصص للمقارنة من كتابي الصوم والزكاة على ما يصلح أن يكون من هذا القبيل إلا ما قد يقال في باب: الدليل على أن الصدقة واجبة على الذي يقع على امرأته في رمضان بهارا … من كتاب الصيام، حيث أفردَ بترجمة، طرق حديث أبي هريرة في المجامع في نهار رمضان التي فيها إبهام سبب الفطر، والتخيير في خصال الكفارة، وهي في الأصل قد سيقت لبيان الاختلاف بين أصحاب الزهري، والعذر لأبي عوانة أن جمعًا من العلماء لم ير هذا علة قادحة، وقد احتج بها الإمام مالك وأصحابه.
٣ - قد يورد الإمام مسلم طرقا عدة لحديث واحد فيفرقها الحافظ أبو عوانة ويورد كل طريق أو مجموعة من الطرق في باب مستقل، وهذا يقال فيه مثل ما قيل في الذي قبله، ومن أمثلة ذلك تفرقته لطرق حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص ﵁ في صيامه في التطوع، التي بلغ عددها عند مسلم ١٥ طريقا (١)، فرقها أبو عوانة في ثلاثة أبواب؛ أورد بعضها في "باب ذكر الأخبار الدالة على حظر صوم الدهر وإبطال فضيلته" من حديث رقم: (٣١٤٦ - ٣١٥١)، وأورد بعضها الآخر في "باب بيان فضيلة صوم عرفة، وثوابه، وثواب صوم يوم عاشوراء إلخ" من حديث رقم: