لم يوجد في كتابه كثرة التكرار للأحاديث، وليس في القسم المخصص لهذه الدراسة -من كتابي الصوم والزكاة- حديث كرره في موضع آخر من كتابه الصحيح بالإسناد والمتن إلا حديثًا واحدًا، وهو، حديث أبي بن كعب أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، ذكره أولا في كتاب صلاة المسافرين، ثم كرره في كتاب الصيام، وفي كلا الموضعين من طريق محمد بن المثنى، عن محمد ابن جعفر، عن شعبة، عن عبدة، عن زر بن حبيش، عن أبيّ به (١).
وأما المخرِّجان فسلك كل واحد منهما ما يتفق مع غرضه من التأليف، فأما الحافظ أبو نعيم فحذا حذو الإمام مسلم، في جمع الطرق والأحاديث في موضع واحد، بلا تكرار يكثر، وأما الحافظ أبو عوانة، لما كان قصده غير منحصر في مجرد الاستخراج، بل أراد مع ذلك استخراج أحكام بحسن استنباطه من الأحاديث، فسلك في هذا الباب مثل مسلك الإمام البخاري ومن حذا حذوه ممن أودع كتابه جملة من معاني الفقه والأحكام، فأورد في كتابه عدة أحاديث مكررة في موضعين فأكثر حسب استدلاله بما تضمنته من الأحكام، لكنه كما يفعل الإمام البخاري، قلما يورد حديثًا بإسناد واحد، ولفظ واحد من دون اشتماله على فائدة في الإسناد، أو في المتن، كما قال الحافظ عن صنيع البخاري: "حتى ولو لم
(١) كتاب صلاة المسافرين -باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (١/ ٥٢٥)، كتاب الصيام -باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها (٢/ ٨٢٨).