للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٨٧٤ - حدثنا أبو بكر الرازي (١) وأبو أمية، قالا: حدثنا أبو عاصم (٢)، عن ابن جريج (٣)، عن عطاء (٤)، عن عبيد بن عمير (٥)، عن

⦗٣١٦⦘ عائشة، أنها قالت: "وَدِدْتُ أني رأيت اللعَّابين، فقام رسول الله على الباب، وقمت أنظر من بين أذنيه، أنظر إليهم وهم يلعبون في المسجد.

قال عطاء: هم فُرْسٌ أو حَبَش (٦) ".

قال أبو عوانة: هذه (٧) الأخبار تعارض حديث النبي "أنه سمع رجلًا ينشد ضالَّة في المسجد، فقال: إنما بنيت هذه المساجد لما بنيت (٨) له" (٩).

وقد عاب الله من ينظر إلى اللهو فقال: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ (١٠).

⦗٣١٨⦘ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


(١) الفضل بن العباس الصائغ المعروف بفضلك.
(٢) الضحاك بن مخلد النبيل.
(٣) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم.
(٤) ابن أبي رباح.
(٥) ابن قتادة الليثي، أبو عاصم المكي. انظر: تهذيب الكمال (١٩/ ٢٢٣).
(٦) أخرجه مسلم (الصحيح: ٢/ ٦١٠) ح ٨٩٢/ ٢١ - كما تقدم- من طريق أبي عاصم به نحوه، وقال في روايته بعد قول عطاء: "وقال لي ابن عَتِيق: بل حَبَش".
(٧) في الأصل ونسخة (م): "لهذه"، والصواب المثبت.
(٨) في الأصل ونسخة (م): بني، وقد ضبب عليها في الأصل، والصواب المثبت، لأن الضمير يعود على مؤنث مجازي.
(٩) أخرجه مسلم (الصحيح: ١/ ٣٩٧) كتاب المساجد -باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد- ح ٥٦٩/ ٨٠، والنسائي في عمل اليوم والليلة - ص ٢١٨ ح ١٧٤، وابن ماجه في السنن (١/ ٢٥٢) كتاب المساجد -باب النهي عن إنشاد الضوال في المسجد- ح ٧٦٥. كلهم من طرق عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رجلًا نشد في المسجد، فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ فقال النبي : لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له".
(١٠) سورة الجمعة- الآية (١١) والتعارض الذي أشار إليه المصنف -رحمه الله تعالى- =
⦗٣١٧⦘ = لا يدفع صحة أحاديث الباب، لإمكان الجمع بينها وبين حديث بريدة ، إذ اللعب بالحراب ليس لعبًا مجردًا، بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو، والمسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه، بخلاف إنشاد الدابة، فالمنفعة فيها دنيوية فردية.
وإن كان الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب واللهو، لكن اللعب بالحِراب أصله التدريب على الحرب، وهو من الجِدِّ وسمى لعبًا لما فيه من الشبه به؛ لكونه يقصد إلى الطعن ولا يفعله، ويوهم قرنه ولو كان أباه أو ابنه، فهو من اللهو المباح، مما استثناه الشرع، وعليه لا يعد النظر إليه مذمومًا. والله تعالى أعلم.
وانظر: شرح النووي على مسلم (٦/ ١٨٤)، فتح الباري (١/ ٦٥٤، ٢/ ٥١٤).