للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٣٧٠ - حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح (١)، عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها، إلا جعلت له يوم القيامة صفائح (٢)، ثم حُمِي عليها في نار جهنم يُكوى بها جبينه وجبهته وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين الناس، فيرى سبيله (٣)، إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وما من صاحب إبلٍ لا يؤدي حقها -ومن حقها حَلَبُها (٤) يوم وِرْدِها (٥) - إلا أُتي بها يوم القيامة لا يفقد منها فصيلا (٦) واحدًا،

⦗٣٤٠⦘ ثم بُطح (٧) لها بقاع قَرْقَر (٨)، تَطَؤُه بأخفافها وتَقرِضه (٩)، بأفواهها، كلما مر عليه آخرها كر عليه أولها (١٠)، في يوم كان مقداره خمسين ألف

⦗٣٤١⦘ سنة، حتى يُقضى بين الناس، فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار.

وما من صاحب بقر، ولا غنم لا يؤدي حقها، إلا أُتي بها يوم القيامة، إلا بطح لها بقاع قرقر ليس فيها عَضْباءُ (١١)، ولا عَقْصاءُ (١٢)، ولا جَلْحاءُ (١٣)، تطؤه بأظلافها (١٤)، وتَنْطِحه (١٥)، بقرونها، كلما مر عليه أوَّلها كر عليه آخرُها، حتى يُقضى بين الناس فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار". قالوا: يا رسول الله، فصاحب الخيل؟ قال: "هي لثلاثة، لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر. فأما من ربطها عُدَّة (١٦) في سبيل الله فإنه لو طَوَّل (١٧) لها في مَرْج (١٨) خَصْب (١٩)، أو في روضة (٢٠)، كتب الله له عدد ما أكلت حسنات، وعدد أرواثها حسنات، ولو

⦗٣٤٢⦘ انقطع طِوَلُها (٢١) ذلك فاسْتَنَّت شرَفًا أو شَرَفين (٢٢)، كتب الله له عدد آثارها حسنات، ولو مرت بنهر عجَّاج (٢٣)، لا يريد السقي به، فشربت منه، كتب الله له عدد ما شربت حسنات. ومن ارتبطها تَغَنيًّا وتَعَفُّفًا، ثم لم ينس حق الله في رقابها وظهورها، كانت له سترا من النار. ومن ارتبطها فخْرا ورِياءً ونِواءً (٢٤) على المسلمين، كانت له وزرا يوم القيامة". قالوا: فالحُمُرُ، يا رسول الله؟ قال: "لم ينزل عليّ في الحمر شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة (٢٥): ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا

⦗٣٤٣⦘ يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (٢٦).


(١) ذكوان السماني المدني.
(٢) جمع صفيحة، وهي كل عريض من حجارة أو لوح ونحوها (تاج العروس، ٣/ ٥٤٥).
(٣) بالرفع، أو النصب، على أن الفعل مبني للمفعول، أو للفاعل (شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ٦٥).
(٤) بفتح اللام، وصحح القاضي عياض السكون، والمعنى: يحلبها على الماء ليصيب الناس من لبنها. (مشارق الأنوار، ١/ ١٩٤، النهاية، ١/ ٤٢١).
(٥) بكسر الواو، وهو اليوم الذي ترد فيه الماء، وذلك لأجل المحتاجين النازلين حول الماء ومن لا لبن له. (مشارق الأنوار، ٢/ ٢٨٣).
(٦) الفصيل هو الذي فصل عن أمه، والفصال الفطام (غريب الحديث لأبي عبيد، ٣/ ٧٠)، =
⦗٣٤٠⦘ = ومنه قوله تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥].
(٧) ألقى على وجهه لتطأه (النهاية، ١/ ١٣٤). وقال القاضي عياض: ليس من شرط البطح كونه على الوجه، وإنما هو في اللغة بمعنى البسط والمد، فقد يكون على وجهه أو على ظهره. (شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ٦٤).
(٨) قَرْقَر القاع: المكان المستوي، ليس فيه ارتفاع ولا انخفاض، جمعه قيعان، ويقال في الجمع أيضا: القيعة. وقَرْقَر: المستوي أيضا. (غريب الحديث، ٢/ ٢٣٨ - ٢٣٩، مشارق الأنوار، ٢/ ١٩٧، ١٨١).
(٩) قال أبو عبيد: القرض يكون في أشياء منها القطع، ومنه سمى المقراض، لأنه يقطع (غريب الحديث، ٤/ ١٤٩).
(١٠) عند مسلم: "كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها" في الموضعين. قال القاضي عياض: فيه قلب وتغيير، لأن الرد إنما يكون للأول الذي مر، وأما الآخر، فلم يمر بعد، وصواب الكلام ما في الطريق الآخر: "كلما مر عليه أخراها رد عليه أولاها"، وأقره النووي. وقد يجاب بأن المقصود تتابعها في المرور، والله أعلم (شرح النووي، ٣/ ١٢٣، فتح الباري، ٣/ ٢٦٩). والروايات عن أبي هريرة مختلفة في ذكر هذا التتابع، فلعله من تصرف الرواة بناء على اتحاد المعنى، والعلم عند الله (انظر الروايات: كتاب الصلاة لمحمد بن نصر المروزي، برقم: ١٠٨٤، معجم الطبراني الأوسط، برقم ٢٠٩٠، المستدرك، ١/ ٤٠٣، السنن الكبرى، ٧/ ٣، شرح السنة للبغوي، ٥/ ٤٨١/ ١٥٦٣). وورد عند أبي عوانة في الموضع الأول على الوجه الذي ليس فيه إشكال، وفي الموضع الثاني بخلافه.
(١١) المكسورة القرن. (غريب الحديث، ٢/ ٢٠٧).
(١٢) الملتوية القرن. (مشارق الأنوار، ٢/ ١٠٠).
(١٣) التي لا قرن لها. (المصدر نفسه، ١/ ١٤٩).
(١٤) جمع ظلف، وهو للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل. (النهاية، ٣/ ١٥٩).
(١٥) بالكسر والفتح، والكسر أفصح. (شرح النووي، ٧/ ٦٥).
(١٦) بالضم أي الاستعداد. (مختار الصحاح، ٤١٦).
(١٧) بفتح الواو المشددة، شدها في الحبل، وطوّل لها لترعى. (النهاية، ٣/ ١٤٥، فتح الباري، ٦/ ٦٤).
(١٨) موضع الكلأ، وأكثر ما يكون ذلك في المطمئن من الأرض. (التمهيد، ٤/ ٢٠٧).
(١٩) ضد الجدب. (النهاية، ٢/ ٣٦).
(٢٠) الموضع المرتفع. (التمهيد، الموضع السابق).
(٢١) بكسر الطاء، الحبل الطويل يشد أحد طرفيه في وتد أو غيره والطرف الآخر في يد الفرس يدور فيه ويرعى، ولا يذهب لوجهه، ويقال له طيل أيضا، بالياء، وبه وردت بعض روايات الحديث.
النهاية لابن الأثير (٣/ ١٤٥).
(٢٢) أي عدت شوطا أو شوطين، والاستنان أن تلج في عدوها، في إقبالها وإدبارها، والشرف ما ارتفع من الأرض (النهاية، ٢/ ٤٦٣، التمهيد، ٤/ ٢٠٧، ٢٠٩).
(٢٣) بالتشديد، أي كثير الماء، كأنه يعج من كثرته وصوت تدفقه، والعج رفع الصوت.
(النهاية، ٣/ ١٨٤، مختار الصحاح، ٤١٣).
(٢٤) بكسر النون ممدودا، أي معادة لهم، يقال ناويت الرجل نواءا، ومناوأة، وأصله من النهوض، لأن من عاديته وحاربته ناء إليك أي نهض، ونوت إليه. (مشارق الأنوار، ٢/ ٣١).
(٢٥) بالفاء وتشديد المعجمة، وهي المنفردة العلية المِثْل في بابها. (مشارق الأنوار، ٢/ ١٥٠).
(٢٦) رواه مسلم عن يونس بن عبد الأعلى به، وذكره بمعنى حديث حفص بن ميسرة (كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، ٢/ ٦٨٢)، وأشار إلى بعض اختلاف ألفاظ الروايتين. ومما لم يذكره أن في رواية حفص: "وأما التي هي له ستر، فرجل ربطها في سبيل الله .... "، وفي رواية هشام: "فرجل ربطها تغنيا وتعففا .... ". وفي الإسناد هشام بن سعد، وقد تكلم فيه من قبل حفظه، لكنه كما قال أبو داود: هو أثبت الناس في زيد بن أسلم (تهذيب الكمال، ٣٠/ ٢٠٨)، وحديثه هذا من روايته عن زيد بن أسلم. وأخرج البخاري بعضه، وهو الجزء الذي فيه ذكر الخيل إلى آخره، عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن زيد بن أسلم به (كتاب الجهاد، باب الخيل لثلاثة، ٦/ ٦٣).