للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٤٨٢ - حدثنا سعيد بن مسعود (١)، أخبرنا النَّضْر بن شُمَيل، أخبرنا شعبة ح.

وحدثنا يونس بن حبيب (٢)، وعمار بن رجاء (٣)، قالا: حدثنا أبو داود (٤)، حدثنا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، قال: سمعت المنذر ابن جرير يحدث عن أبيه، جرير بن عبد الله، قال: كنا عند رسول الله جلوسًا في صدر النهار، فجاء قوم حُفاة عراة مُجْتابِي النِّمارِ (٥) عليهم الْعَبَاءُ، أو قال مُتَقَلِّدِي السيوف، عامتهم من مُضَرَ، بل كلهم

⦗٤٥٨⦘ من مُضَرَ، فرأيت وجه رسول الله -يعني: يتغيَّر- لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالًا، فأذن فأقام، وصلى الظهر، فخطب، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ إلى آخر الآية (٦)، ثم قال: يا أيها الناس اتقوا ربكم ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ الآية (٧)، "تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره" حتى قال: "ولو بشق تمرة"، فأتاه رجل (٨) من الأنصار بصرَّة، قد كادت كفه أن تعجز عنها بل قد عجزت عنها، فدفعها إلى رسول الله ، فتتابع الناس في الصدقات، فرأيت بين يدي رسول الله كَوْمَين (٩) من طعام وثياب، وجعل وجه رسول الله يتهلّل كأنه مُذْهَبة (١٠)، فقال رسول الله :

⦗٤٥٩⦘ "من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا" (١١).

وهذا لفظ أبي داود (١٢)، وحديث النَّضْر بمعناه مثله، كذا رواه معاذ بن معاذ، وذكر فيه: ثم صلى الظهر (١٣).


(١) المروزي.
(٢) ابن عبد القاهر الأصبهاني.
(٣) الإسْتِراباذي.
(٤) سليمان بن داود بن الجارود البصري.
(٥) مجتابي النمار: أي مقطوعي أوساط النمار، والاجتياب: التقطيع والخرق، والنمار: جمع نمرة، هي: ثياب من صوف فيها تنمير، كأنها أُخذت من لون النمر، لما فيها من السواد والبياض، والعباء: جمع عباءة، وهي: أكسية غلاظ مخططة. انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٣/ ٦٣)، النهاية (٥/ ١١٨).
(٦) سورة النساء، آية (١).
(٧) سورة الحشر، آية ١٨.
(٨) لم أقف على تعينه .
(٩) كومين: مثنى كوم، وهو بفتح الكاف وضمها، وهو بالضم اسم لما كوم، وبالفتح المرة الواحدة والكومة بالضم الصبرة، والكوم العظيم من كل شيء، والكوم المكان المرتفع كالرابية والفتح هنا أولى لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية. انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض (١/ ٣٤٩)، شرح صحيح مسلم للنووي (٧/ ١٠٣) مادة كوم.
(١٠) مذهبة: ضبطه الأكثر بالذال المعجمة والباء الموحدة، والمذهب: الشيء المموَّه بالذهب، وفسِّر بالفضة المذهبة لحسن وجهه وإشراقه، وقيل غير ذلك. =
⦗٤٥٩⦘ = انظر: النهاية في غريب الحديث (٢/ ١٧٣) مادة ذهب، شرح صحيح مسلم للنووي (٧/ ١٠٣).
(١١) أخرجه مسلم في صحيحه (الزكاة -باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة ٢/ ٧٠٤، ح ١٠١٧/ ٦٩) من طرق عن شعبة به نحوه.
(١٢) وهو كذلك في مسنده (٢/ ٥٥).
(١٣) هذا التعليق أخرجه مسلم في صحيحه موصولًا، كما تقدم، من طريق معاذ، عن شعبة به، ولم يسق لفظه بتمامه، وأشار مسلم إلى زيادة ذكر صلاة الظهر في روايته، وفي رواية المصنف من فوائد الاستخراج زيادة طرق من روى هذه الزيادة عن شعبة بذكر من تابع معاذًا على زيادته.